الخميس 19 ديسمبر 2024

لن يبقي لنا الا الوادع

انت في الصفحة 16 من 18 صفحات

موقع أيام نيوز


زي ما قلت لك أدعي لأختك وإن شاء الله ربنا هيخفف عنها ويعوضها عنه بالأفضل 
أطرقت رنا برأسها أرضا وحاولت أن تبعد عن عقلها أمرا أمجد وزفرت پخوف وعينها تختلس النظر إلى شقيقتها بعجز 
ولم تدرك هالة ورنا في تلك اللحظة أن القدر كان له ترتيبه الخاص للأطراف كلهم فلا شيء يترك للصدفة ولا لعبث الأشخاص فلكل أمر مهما استصغره المرء ثمنا عليه سداده مهما طال أو قصر الزمن خاصة حين يمس القوارير الذي أوصى النبي عليه الصلاة والسلام برعايتهن بقوله استوصوا بالنساء خيرا 

وحاشى لله أن يظلم أحدا أو يترك أمرا مظلمة دون عاقبة ومن يظن نفسه سينجو دون حساب فعليه مراجعة نفسه حتى وإن أمهله الله الوقت سنوات وسنوات فإنه يمهله الفرصة ولكنه لا يهمل أبدا 
بعد مرور شهر على طلاق أمجد لمنار وتعمده الظهور بكل مكان هي فيه أرسل أحدهم وعقد صفقة عمل بينه وبين شركة سامر وها هو بات على موعد جديد معها ليزكي نيران عڈابها فرؤيته شحوب وجهها وضعفها يزيده نشوة وعليه زيادة معاناتها لتدرك ما خسرته 
خطى أمجد في اليوم التالي بثقة نحو شركة سامر يمني نفسه بسداده ضړبة أخرى إليها بينما داخل مكتب سامر جلست منار توضح أهم نقاط تصميمها الأخير في حين أنصت إليها سامر ولكنه صب كامل اهتمامه ونظراته عليها وتفحصها بعينه يتمنى لو تخبره سبب انطفائها المفاجئ انتبه سامر بعد مرور دقيقة كاملة لسؤالها إياه عن رأيه بما أخبرته بشأن تصميمها فازدرد لعابه بحرج وأردف
التصميم روعة وبصراحة أنا بتمنى أنك تمضي عقد وتبقي من ضمن فريق الشركة الهندسي 
حدقت به منار بشيء من التيه في بادئ الأمر وحين تفهمت عرضه أدركت أنها بعملها بشركته ستكون عرضة بشكل أكبر لمصادفة أمجد وهو الشيء الذي باتت تبغضه وتكرهه وتتمنى إلا يقع بصرها عليه مجددا فزفرت بأسف وهزت رأسها مردفة
أنا حقيقي مش عارفة أقول لحضرتك إيه بس أصل أنا كنت جاية النهاردة علشان أقدم لك التصميم وأبلغك أني مش هقدر أعمل أي تصاميم تانية الفترة الجاية علشان محتاجة أركز فدراستي بشكل أكبر 
باغتته بقولها وبهتت ملامحه وهو ينظر إليها وأدرك من تهربها من مواجهة نظراته بأن الأمر أكبر من احتياجها للتركيز فزم شفتيه وترك مقعده وسالها بقلق
منار هو أنا
ينفع أسالك سؤال شخصي وتجاوبيني بصراحة
ارتجفت من نظراته وتراجعت هربا وهزت رأسها بالرفض ولكنه لم يقبل رفضها واقترب منها قائلا
مين السبب فالحالة اللي بقيتي فيها دي 
استدارت عنه ورفضت إجابته وهمت بمغادرة مكتبه فسارع سامر واعترض طريقها مردفا
أمجد السبب فالحالة دي مش كده
تصلبت ملامحها وهي تبادله النظر وزفرت بقوة قائلة
لو سمحت يا بشمهندس سيبني أمشي ويا ريت بعد كده تخلي كلامنا فحدود الشغل وبس عن إذنك 
تجاوزته لتغادر وليتها لم تفعل فما أن مست يدها مقبض الباب حتى دفعت بغتة إلى الخلف وقد اختل توازنها فسارع سامر بإسنادها في اللحظة نفسها التي ولج فيها أمجد فوقف يبادل نظره بينها ملامحها الباهتة وبين ساعد سامر الملامسة لخصرها حينها تمنت منار لو تنشق الأرض وتبتلعها في حين رفع سامر يده عنها معتذرا بينما ارتسم الجمود على ملامح أمجد الذي عقد ساعديه مردفا
ممكن أفهم إيه اللي بيحصل فالمكتب بينك وبينه يا الأستاذة
أثار سؤاله ڠضبها فرفعت وجهها ونظرت نحوه بكراهية بينما تابع سامر ملامحها وتعجب لنظراتها النافرة وهم بإجابته ليمنعه صوت منار الحانق بقولها
اسمي البشمهندسة منار مش الأستاذة واللي بيحصل هنا ميخصكش يا بشمهندس فيا ريت تلتزم بحدود اللي يخصك وبس 
صڤعته بإجابتها واستدارت عنه بإهمال ونظرت إلى سامر الذي ازداد فضولا ورغبة لمعرفة ما حدث بينهما ليتفاجأ بها تخبره
أنا مضطرة أمشي يا بشمهندس وبالنسبة لعرض الشغل أوعدك إني هفكر فيه بجدية بعد ما استشير والدي وهرد عليك فأقرب وقت وبعدين حضرتك لازم تكون واثق إن مافيش حد عاقل يقدر يرفض عرض مميز زي اللي حضرتك قدمته 
مرت من جواره ورمقته باشمئزاز لم يتحمل أمجد إهمالها إياه ولا تقبل أهانتها له فمد يده وقبض على ساعدها متناسيا وجود سامر انتفضت منار لجرأته ونفضت يده پغضب ودفعته عنها ولوحت بإصبعها أمام وجهه تنهره بقولها
الزم حدك يا أمجد وأبعد عني وصدقني لو أتكرر اللي عملته دا أنا هقل منك جامد وأظن أنك مش هتقبل إن منار شهدي تعلم عليك تاني 
القت كلمتها الأخير بتهكم واضح وغادرت مسرعة وخلفت ورائها رجلا كاد يفتك بها من شدة غضبه وآخر حاول كبح سعادته كي لا يلحظه غريمه وحاول أن يشتت انتباه أمجد ولكنه تفاجأ به يسرع بمغادرة مكتبه بوجه ينذر بحلول کاړثة لم يتمهل سامر أو يفكر بعقاپة قراره ولكنه لبى نداء قلبه وتبع حدس عقله وغادر متتبعا خطوات أمجد الذي عمى الاڼتقام قلبه وغيب عقله وزفر بارتياح حين فشل أمجد في اللحاق بها ولكن ما زاد سامر قلقا واسترعى انتباهه رؤيته
أيمن يطرق نافذة سيارة أمجد قبل انطلاقه وحديثه معه بوجه متجهم فتوارى سامر عن النظر وأدرك سبب رفض أيمن لتصميم منار لذا قرر ملاحقة أمجد ومواجهته 
يتبع
رواية لم يبق لنا إلا الوداع الجزء الاخير بقلم منى أحمد حافظ
10 كيد مرودو 
ولجت منار إلى منزلها بجسد منتفض ووجه شاحب واستندت إلى باب مسكنها مغمضة العين لا تصدق رؤيتها لتلك الكراهية بعينه بل وأحستها منه والتي جعلتها حتى اللحظة تتساءل من منهما الضحېة ومن الجلاد كي ينظر إليها وكأنها هي من قامت بخيانته وليس العكس لم تنتبه منار في خضم خۏفها الأعين التي حدقت بها بقلق ففتحت عينيها فجأة بعدما أحست بأن هناك من ينظر إليها لتتفاجأ بشقيقتها عفاف تجلس وبجوراها أخوتها فكان
أوان إخفاء ذعرها قد فات حين هبوا على أقدامهم وسارعوا إليها مخطفين إياها بين أذرعهم ليشكلوا حولها درعا أذهب روعها عنها وجعل أنفاسها تهدأ ودموعها تتريث وتلاقت عينا منار بعين عفاف لوهلة أحست بعين والدتها تتفحصها فارتمت بين ذراعيها تنشد اشتمام رائحتها فيها وأغمضت عينها وسردت بصوت ممزق ما حدث لها وما مرت به على سمعهم جميعا وبالخارج وقف شهدي بأنفاس ثائرة ينصت إلى لوعة ابنته وهي تخبرهم بمكنون صدرها فأطرق لثوان استدار بعدها وغادر وقد عزم على حماية ابنته مهما كلفه الأمر 
وقف شهدي أمام مؤسسة علام يحدق بالبناية بوجه متجهم وتقدم نحو رجل الأمن وأردف
لو سمحت أنا عايز أقابل المهندس أمجد المشير أو صاحب الشركة الدكتور علام 
ابتسم الرجل بمودة وأجابه
والله يا أستاذ للأسف المهندس أمجد مش موجود النهاردة والدكتور مالوش أي مواعيد عموما حضرتك ممكن تدخل مكتب السكرتارية وهما يحددوا لك ميعاد 
ازداد تجهم شهدي واتبع الإرشادات فاستقبلته سميرة بابتسامة هادئة واستمعت إلى سؤاله وأجابته بهدوء
لو حضرتك عايز تقابل المهندس أمجد فهو هيكون موجود على الساعة خمسة بالنسبة للدكتور علام فحضرتك ممكن تسيب كامل بياناتك وهنبعت للدكتور وهو اللي هيحدد الميعاد بنفسه وهنبلغك 
رفع شهدي عينه وتطلع إلى ساعة الحائط أمامه وزفر بضيق فما زال الوقت مبكرا على عودة أمجد وليس بيده شيء يفعله غير الانتظار فأومأ لها وجلس خارج مكتبها عازما على مقابلته 
ما أن صف أمجد سيارته أمام بوابة المؤسسة الرئيسية حتى صف سامر هو الآخر سيارته بمواجهته وغادرها بوجه مكفهر واتجه صوبه فزم أمجد شفتيه وأشار إليه برأسه ليتبعه وما كاد أمجد يخطو نحو مكتبه حتى لمح شهدي يجلس خارج مكتب السكرتارية فعقد ما بين حاجبيه وكاد يتراجع لمعرفته سبب وجود شهدي فمن المؤكد أنه جاء لمواجهته ومنعه من ملاحقة ابنته ليقطع سامر عليه طريق العودة في اللحظة نفسها التي رآه شهدي فيها فوقف بوجه عابس ينذر بالشړ واتجه نحوه وواجهه قائلا بحدة
تحب نتكلم هنا يا بشمهندس ونخلي اللي ما يشتري يتفرج ولا نتكلم برا أحسن 
تلفت أمجد حوله بقلق وأشار لشهدي بمرافقته إلى الخارج ليمنعه من فضحه وتاه عنه وجود سامر الذي لم يشأ تفويت الفرصة بعدما نبأه حدسه أن ذلك الرجل على صلة وثيقة بمنار وبالخارج وقف شهدي بملامح قدت من حجر يرمقه بنفور لعلمه أنه لن يردعه عن ابنته إلا الخۏف الخۏف من خسارة ما جمعه فزفر شهدي مستجمعا قواه وبادره بقوله 
بص يا ابني أنا
طول عمري بعاملك بما يرضي الله وكنت بعتبرك زي أحمد ابني وفتحت لك بيتي وأمنتك على بناتي وكنت فاكرك هتصون العشرة والمعروف اللي بينا لكن أنت لفيت من ورا ضهري وشاغلت بنتي ووقعتها فحبك ورغم كده سامحتك وأديتك فرصة تانية تثبت لي فيها حسن نوياك ووافقت تخطب منار وتكتب كتابك عليها وقلت أنك أكيد راجل زي والدك الله يرحمه وهتحافظ عليها لكن عرفت معاك إن القول حاجة والفعل حاجة تانية علشان القول للي شبهك بتوع مصلحتهم إنما الفعل للرجاله اللي أنت بعيد عنهم ولا تمت لهم بصلة 
زفر أمجد بحدة ورمقه شذرا فرفع شهدي حاجبه بتحدي وأستطرد قائلا
على فكرة أنا مش هخاف من نظرة الڠضب دي ولا من المركز اللي وصلت له بالدحلبة والضحك على الدقون ولا كمان يفرق معايا العنجهية الكدابة اللي محاوط بيها نفسك أنا جايلك راجل لراجل يا ابن المشير وخلاصة قولي ليك أنك لو مشلتش منار من دماغك وسيبتها فحالها وبعدت
عنها أنا هخليك تخسر الهيلمان اللي أنت عايش فيه وهعمل اللي بناتي استحرموا أنهم يعملوه فيك وهروح لحد بيتك وهفضحك قصاد حماك الدكتور ومراتك ومش كده وبس لا دا أنا هفضحك فكل مكان حتى الجامعة وعلى النت وهخلي أصغر عيل يبص لك باستحقار فاتقي شړ الحليم إذا ڠضب يا أمجد وأبعد عن طريق بنتي علشان مترجعش ټندم وأحمد ربنا أني سيبتك تروح لحال سبيلك من غير ما أحاسبك على اللي عملته فبنتي ووجعك ليها وقهرتها وكسرة قلبها 
أنهى شهدي قوله واستدار مغادرا وتابعه أمجد بعيون قاتمة وهو يلعنه وأشاح بوجهه أخيرا ليصدمه وقوف سامر على مقربه منه يحدجه باشمئزاز وقبل أن ينبث بكلمة غادره مسرعا بخطواته حتى لحق بشهدي وسار بجواره فالټفت شهدي نحوه ونظر إليه بحيرة فابتسم سامر ومد يده نحوه وصافحه قائلا
سامر عثمان مدير الشركة اللي بنت حضرتك بتشتغل فيها كنت حابب اتكلم مع حضرتك فموضوع مهم فإيه رأيك لو نقعد فأي كافيه ونشرب القهوة سوا
وما ربك بغفل عما تعملون 
ليته أدرك معناها وتدبره ولكنه طغى وافترى فما أن ولج أمجد مكتبه حتى التقط هاتفه وضغط بضعة أزرار وحين أجابه الطرف الآخر بادره بقوله
عايزك تطرد شهدي أبو منار من المصنع وتبلغ المعلم شكران يستغنى عن خدماته وتجمع كل الديانة اللي شهدي مديون لهم وتقولهم أني
 

15  16  17 

انت في الصفحة 16 من 18 صفحات