رواية جوازة ابريل بقلم نورهان محسن
أمام المشرب برفقة صديقه كل منهم هائما في أفكاره الخاصة وهذا الصمت لا ينقطع إلا بأصوات الموسيقى الصاخبة في المكان حتى قرر خالد الخروج من هذا السكوت وهو ينظر حوله وهو ينفث السي إلى الأعلي بملل لأنه لا يرتاح فى تلك الأماكن لكنه يعلم أنه إذا لم يأت معه سيزلج نفسه في مشكلة وهو ثم ثم دحرج بصره إليه متسائلا خالد بإرتياب سرحان في ايه .. مابستريحش لسكوتك دا!!
حافة كأسه فوق ال ب. ار ممسكا سي بين أصابع يده الأخرى وبصره شاردا في الفراغ فالټفت شفتا خالد بضجر ثم سأل مرة أخرى بنبرة ذات مغزى بتفكر فيها مش كدا!
امتص باسم رحيقها بجمود ثم سأله ببرود متظاهرا بعدم معرفته دون النظر إليه قصدك مين!
ارتفع حاجب خالد ساخرا لأنه يفهمه أكثر من أي شخص آخر فهو ليس مجرد صديق له أنه صندوقه الأسود هاتفا بثقة اللي جت في بالك .. بس انت اللي مش عايز ترسي نفسك علي بر
خفض باسم بصره نحو الكأس لثوان قليلة ثم رفعه إلى فمه متجرعا إياه دفعة واحدة ليعقد حاجبيه من طعمه اللا ذع ثم أخبره بإستخفاف انت ادري حد عارف ان الموضوع دا عملو بلو ك من مخي
استمع خالد له باهتمام ولم يقاطعه حتى أنهى كلامه ليقول بأسى مقدر اللي انت حاسس بيه .. بس قولتلك قبل كدا رفضها ليك مكنش معناه ابدا ان النقص كان فيك انت!!
إلتوي فمه فيما يشبه الابتسامة لكنها كانت مليئة بالحسړة والألم ثم تنهد بعمق خدش حلقه وهو ينظر إليه برماديتيه المتلألئة مثل نجمة في سماء مظلمة بينما يجبر نفسه على كبح دموعه متمتما بحدة مهزوزة سهل تقول كدا .. عشان مستحيل حد يحس بالن للي في صدري غيري مابتطفيش .. وكل السنين مابتعدي بحس بالندم والذنب اكتر
زفر خالد الهواء بقوة فكل واحد منهم يعاني بداخله كثيرا ولا يفصح عنما به إلا قليلا ليعاود النظر إليه بجدية وقال بنبرة هادئة لعله يثنيه عما يفكر به صدقني والله حاسس بكل اللي جواك .. بس ذنبها ايه رزان تدخلها في مشاكلك!
شعر باسم بوخز قوي في منتصف صدره يصاحبه ألم جامح فعض شفته السفلية بشدة وامتلأت عيناه بالدموع التي سقطت على وجنتيه جراء إصرار الذكريات المؤلمة على تماوج في ذهنه فأسرع في مسحهم ولكن كيف ينجو من الڠرق في أمواج الذنب العالية ليسأله بصوت عال بغير وعي وبنبرة مشوشة وكان ذنبو ايه اشرف!!! ذنبه ايه يم بسببي..
إحتسى من الكأ س أمامه مجعدا حاجبيه من الألم ثم أردف بهمس السنين اللي فاتت الكل بيحطولي اعذار..
أضاف باسم ساخرا بكمد من ذلك الۏجع الذي يعتمر قلبه ويكاد يفتك به مثل كتاب مغلق لا غلاف له وممتلئا بالخيبات معلش دا عمره .. كانت حاډثة ومالكش ذنب فيها
الكلمة الأخيرة نطقها بمرارة ماسحا فمه بإبهامه يزيل بقايا الشراب اللا ذع الذي يضاهى إحساسه الداخلي كل ما يعلمه أنه منزوع من الشعور بالحياة وما فيها منذ تلك الحا دثة المشؤ ومة ثم اختفى صوته ولم يستطع الكلام متساقطة دموعه من مقل عينيه معلنة هزيمته وضعفه وعجزه ومدى الذنب الرهيب الذي يحمله على عاتقه سنوات عديدة من عمره ثم استطرد بصعوبة عارف انهم كانوا بيقولو كدا عشان امر من ازمتي .. بس برده مش قادر ابرر
لنفسي .. مش هعرف انسي اني كنت انا السبب في مو .. عشان كنت سايق زي المچنون وبفكر فيها .. بفكر في اللي رفضتني وراحت اتجوزت وسافرت .. بعد ما حسستني اني ماليش قيمة .. مجرد شاب مراهق وتا فه قدام عريسها الناضج والدكتور في الجامعة .. راجعة بعد السنين دي كلها تحاول تقرب مني تاني .. ازاي اغفرلها وانا مش قادر اغفر لنفسي !! كل ما بغمض عيني بشوف الحا دثة قدامي..
تلاشى صوته المبحوح تدريجيا وهو يلهث بقوة وشعر بجفاف شديد في حلقه بسبب الكتلة المستعرة فى طيات صدره من مهاجمة ذكرياته المؤلمة إليه فلا شيء أسوأ من أن يعاد شعور قديم جاهدت طويلا لتجاوزه مم جعله يشعر بالاختناق كلما تلفظ أنفاسه فتنهد خالد متأثرا بكل شيء يسمعه منه لكنه هتف مكررا نفس السؤال الذى يدور فى عقله بجدية بعد كل اللي بتحكيه دا .. لسه شايف الحل عشان تخلص منها تدبس نفسك مع وحدة تانية!
همس باسم بضعف وهذ يان وبالكاد يتحكم في أنفاسه معترفا بخزى عشان خاېف اضعف تاني قدامها .. دي الطريقة الوحيدة اللي فكرت فيها عشان ابعدها عني .. مش بعد اللي جرالي بسببها ووصلتني لحالتي دي .. هسيبها تدخل حياتي تاني تدمرها ..
غضن خالد حاجبيه بعدم رضا مما يقوله مصححا له بخشونة طفيفة ماتعلقش تصرفاتك دي علي شماعة ريهام .. مش معني ان وحدة ترفض واحد و تتجوز غيره انه يعمل اللي عملته .. ايه اللي عايز تثبته لنفسك بالظبط باللي كنت بتعمله دا!!
أنهى كلامه بنرفزة ليشعر الآخر وكأن أحدهم يطلق متف بين خلاياه في تلك اللحظة وألم مضاعف يرهق روحه رد بوهن وهو يضرب رأسه بقبضته بهستير ية مكنتش عايز اثبت اي حاجة لنفسي .. كنت عايز اخرج كلامها اللي زي الس م من دماغي .. ماخطرش علي بالي اني عشان انساها اني هعيش بالذنب الفظيع دا طول عمري ويفضل مطاردني في كو ابيسي
سارع خالد بالقبض على معصمه لمنعه من إيذاء نفسه وهو يبتلع لعابه بإضطراب من نظرات العاملين المندهشة إليهم ثم تحدث بنبرة أقل حدة ولكنها لا تخلو من اللوم رغم انك بطلت التحد يات الغبية من بعد الحاد ثة .. بس مابطلتش عادة السواقة المجنو نة الهبا ب بتاعتك دي
أطلق باسم زفيرا عميقا كأنه يزيح به كل الهموم التي تثقل روحه ثم أجابه بلامبالاة مش عارف ابطلها هي دي الحاجة الوحيدة اللي بتهديني
قلب خالد عينيه بسأم فأشار إليه النادل ليومئ برأسه وهو يمسك ذراع صديقه ليغمغم بهدوء طيب خلينا نقوم المكان بيشطب
استقام باسم معه بترنح وجسده يرتجف بالكامل ليغادروا نحو الخارج بصعوبة متكئا عليه وهو يشعر كأنه سيفقد وعيه ويتقيأ كالمعتاد بعد كل مرة يشرب فيها بهذا الإسراف.
نهاية الفصل التاسع
رواية_جوازة_ابريل
نورهان_محسن
الفصل العاشر حماقة المحبون
الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون.
في صباح اليوم التالى
داخل فيلا فهمي الهادي
في تمام الساعة العاشرة صباحا
طرقات على باب غرفة أبريل تبعها دخول شاب طويل القامة يتميز بشكله الجذاب وبنيته القوية ترافقها ملامح وجه لطيفة ذو عيون بنية داكنة وبشرة حنطية مكتسبة من كثرة السفر و كما يتمتع بإبتسامة رائعة وغمازة على خده الأيسر.
اوعى كدا يا يوسف!!
استدار يوسف في ذهول عندما سمع صوتا طفوليا متذ مرا يأتي من خلفه وهو يصطدم به أثناء دخوله الغرفة فأفسح المجال لعمر قائلا في دهشة ما علي مهلك ياض!!
هتف عمر باستياء طفولي وهو يدب بقدمه على الأرض ويلوح له بلا مبالاة ما اللي انت سادد الطريق!
عض يوسف شفته السفلية ثم انحنى بحركة مفاجئة ورفعه من قميصه فحاول الطفل الصغير النزول بطريقة عشوائية وهو يتخبط فى الهواء إلا أن يوسف زمجر بامتعا ض من بين أسنانه ما انت!! انت بتقولي ما انت يا سفروت .. ياض دا انا خالك!!
نجح عمر في الإفلات من قبضته ليركض نحو سرير أبريل وهو يصر خ من الخۏف يا ابريل .. يا ابريل الحقيني!!!
اتسعت عيون يوسف من صراخه ليضع كفه أمام فمه متمتما بتحذير وهو لا يزال واقفا بعيدا عند باب الغرفة هششش اسكت ..!
فتحت أبريل عيناها فجأة مفزو عة على صوت عمر العالي الذي قفز على السرير بجوارها فيما انتفضت من مكانها قائلة بتشوش ممتزج بالنوم عمر!!
نظر إليها عمر بتعجب من ملامحها المنز عجة ليدير بصره نحو يوسف الذي كان واقفا مقطبا حاجبيه بعدم فهم ثم هتف عمر متسائلا بدهشة توته! وشك احمر اوي كدا ليه!!
وضعت ابريل كلتا يديها فوق صدرها حيث كانت دقات قلبها مرتفعة للغاية وكأنها في سباق خط ير والذعر يفرض سيطرته على جسدها بالكامل حيث رأت أثناء حلمها أنها لا تستطيع التنفس على الإطلاق وكأن هناك شيء يعيق تنفسها بشكل غير طبيعي وهذا الشعور بضيق التنفس أو الاختناق هو من أسو أ أنواع
المشاعر التي تحاول تجنبها سواء في اليقظة أو في الحلم.
حاولت أبريل أن تبتسم لكنها فشلت فمسحت رأس عمر بحنان وهمست بصوت متهدج ولا حاجة يا