الإثنين 25 نوفمبر 2024

سلسه الاقدار بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 37 من 130 صفحات

موقع أيام نيوز


و لكنه
لم يكن يسمح له بأن يفارقهم .
يعاني من عقدة الذنب و تأنيب الضمير التي تزداد يوما بعد يوم فهاهو يقع في الفخ تماما مثل أخاه و تلك الفتاه التي كان ينعتها باسوء الصفات هي الآن مالكة ذلك القلب اللعېن الذي لا يعلم كيف وقع لها بتلك الطريقه!
نعم اعترف بأنه احبها و إلا لما ستنهش قلبه الغيرة من مجرد كونها مع مروان في مكان واحده . يشعر بأن هناك طوق ملتف حول رقبته ملغم بجمرات ملتهبه أولها ذنبه و آخرها عشقه الملعۏن لها! يري الحياة أمامه سوداء قاتمه لا يعلم اي طريق عليه أن يسلك حتي يعيد سفينته الي طريقها المنشود

رنين هاتفه أخرجه من شروده فقام بجلبه و الإجابه بصوت باهت لا روح فيه
آلو
المتصل علي الطرف الآخر
سليم الوزان معايا
ايوا انا . مين معايا
حضرتك احنا مستشفي .. اخت حضرتك عملت وهي دلوقتي في اوضة العمليات ..
أخذ يتلفت يمينا و يسارا كطفل تائه يبحث عن وجهه آمنه ترشده الي طريقها و داخله يتضرع الي ربه بأن يحفظها و لا يريه بها أي مكروه فهذه المرة لن يستطيع إحتمال ألم الفراق فسيسقط قلبه صريعا قبل جسده .
كان ينظر إليها بعينين تفيضان بحب لم تفصح عنها الألسن ولم تفطن له القلوب بعد . كان هناك شعور قوي يتوغل إلى أعماقه شعور يخصها وحدها بالرغم من قله اللقاءات بينهم إلا أن القدر دائما ما
يلقي بها في طريقه خاصة و هي في قمة ضعفها الذي يتسرب الي داخله فيوقظ به غريزة الرجل في حماية أنثاه
انتي طلعتيلي منين وايه حكايتك
كان ناقصني مشاكل في حياتي عشان تظهريلي انتي و الغريب اني سايب كل حاجه و قاعد جنبك !
أخذ جرعة كبيرة من الهواء داخله و تابع النظر إليها قائلا
حاسس اني اعرفك من زمان يا
حلا ..
تابع ترديد اسمها من بين شفتيه و كأنه يتذوقه
حلا .. اكتر حد قابلته اسمه لايق علي ملامحه و كأنه متفصل عليه. حلا وانتي حلا و أكيد ظهرتيلي عشان تحلي حياتي بوجودك .
دكتور ياسين !
تجمد للحظات بمكانه بينما عيناه التقت بخاصتها في لحظه خاطفه تجاوزها بثباته المعهود و سرعان ما استعاد رباطة جأشه و هب من مقعده يرسم ملامح السخرية علي ملامحه و تجلي ذلك بصوته حين قال
أخيرا فوقتي . يا اكتر بيحب المصاېب شفته في حياتي
جعدت ما بين عيناها و أخذت تنظر حولها ثم استقرت نظراتها فوقه و هي تقول بعدم فهم
هو حصل ايه و ايه الي جابني هنا
رق قلبه لحالها و ضياعها الباد في عيناها و إن كان أخذ منحني الھجوم قبل قليل فذلك عقاپا لها علي استيقاظها في لحظه ضعف خاصة به. لذلك أجابها بلهجه هادئه لم تخلو من التوبيخ حين قال
انتي عملتي كبيرة و الحمد لله ربنا نجاك.
تمتمت بخفوت
حاډثه
ياسين بتوبيخ
و مستغربه كدا
ليه. دا نتيجة طبيعيه لسواقتك المتهورة دي . انتي تقريبا كنتي طايرة بالعربيه .
تقدم يجلس علي المقعد بجانبها و هو يقول بخشونه
ازاي تبقي مندفعة و غير مسئولة بالشكل دا انتي كنتي فعلا ھتموتي نفسك . دا غير الأذي الي كان ممكن تتسببي فيه لناس ملهاش اي ذنب . تقدري تقوليلي ايه في الدنيا يستاهل ټأذي نفسك و غيرك بالشكل دا
تجاهلت ألمها الذي بدأ يطرأ علي ملامحها بمجرد أن جعلتها كلماته تعود إلي واقعها الأليم و قد عاد إليها عڈابها و الذي خرج علي هيئه كلمات محمله بعبرات توحي بمقدار ما تشعر به
لما يخذلك أقرب الناس ليك وقتها مش هتبقي باقي علي حاجه أبدا.
لم تخترق جملتها اعماق فؤاده هو فقط بل استقرت بقلب ذلك الذي كان يقف أمام غرفتها التي وصل إليها لتوه و ما أن أوشك علي الدخول حتي توقف حين وقعت كلماتها علي مسامعه فشعر بقلبه ينشطر إلي نصفين فكل ما حدث مع شقيقته الغاليه هو السبب به و ها هي كانت قاب قوسين أو أدني من المۏت لولا رحمة الله التي انقذتها و انقذته من عڈاب لم يكن يحتمله أبدا ..
لم يتثني له الرد فقد انفتح باب الغرفة علي مصرعيه و دخل رجل طويل بملامح حادة و عينان يشوبها حمرة فانيه كانت أهم ما يميزه يشبهان جمرتان آتيه من الچحيم لا تهدآن ابدا. و قد نال منهما نظرة لا يعلم هل كانت متوعدة أم عابرة
تجعدت ملامحه رغما عنه حين وجد سليم يقترب من حلا و يأخذها بين ذراعيه قائلا بلهجه مرتعبه
حلا .. انتي كويسه
حقك عليا يا حلا . حقك عليا
ازداد نحيبها و قد آلمها هذا كثيرا فخرجت منها آهات جعلته يرتد للخلف يناظرها بعينان إرتسم بهما القلق الذي تجلي في نبرته حين قال
حاسه بأيه في ايه بيوجعك
تراجعت للخلف قليلا و قالت پألم
دراعي واجعني و رجلي كمان . و حاسة بصداع فظيع
قام سليم بتعديل الوسادة خلفها و بمنتهي الرقه والحنان قام بإرجاعها حتي تستلقي براحه و نهض من مكانه وهو يقول
هنادي على الدكتور عشان يشوفك
أخيرا تجاوز ياسين تلك الغصة القابعة بحلقه و قال بخشونة
الألم دا شئ طبيعي بالنسبة لحالتها .
الټفت سليم يناظره قبل أن يتوجه إلي حيث يقف و حين أصبح أمامه مد يده يصافحه وهو يقول بامتنان
انت دكتور ياسين الي لحقتها و جبتها علي هنا
انا سليم الوزان اخو حلا.. حقيقي مش عارف أشكرك ازاي .
قاطعه ياسين الذي ابتسم بتحفظ قبل أن يقول
متشكرنيش يا سليم بيه .اي حد مكاني كان هيعمل كدا . حمد لله علي سلامتها
الله يسلمك . انت فعلا انسان محترم . و ابن اصول . و أنا سعيد اني اتعرفت عليك . و لو احتاجت اي حاجه في أي وقت كلمني
ياسين بتحفظ
شكرا ليك . انا مضطر أمشي دلوقتي. حمد لله علي سلامتها مرة تانيه
لسه تعبانه . انادي عالدكتور
اومأت حلا برأسها بنفي و قالت بتعب
مش اوي . انا بس عايزة انام .
سليم بحنان
نامي و إرتاحي يا حبيبتي.
لامست كلماته قلبها فرفعت رأسهت تبتسم له و بدأت تذهب في ثبات عميق و لكن قبل أن تغفو تمتمت بخفوت
بلاش تقول لماما
يا سليم .
سليم بحنان
نامي يا حبيبتي و
إرتاحي و متشغليش بالك بأي حاجه ..
تقدمت أمينه و بجانبها جنه التي جلست أمام الطبيبة التي قالت بمزاح
ايه يا مدام هتسمي ولي العهد ايه بقي
تحدثت أمينه بلهفه
ولد يا دكتورة جنة حامل في ولد
الطبيبة بإحترام
ايوا يا حاجه ولد .
احمدك يارب . الف حمد و شكر ليك يا رب . حازم الصغير جاي في الطريق .
طمينيني يا دكتورة البيبي وضعه ايه
لا الحمد لله عال وأنا هغيرلك الفيتامينات و خلاص مبقاش محتاجين المثبت دلوقتي انتي داخله في الشهر الخامس عايزينك بس تهتمي بأكلك اكتر من كدا و طبعا
نبعد عن التوتر و العصبية و أي ضغوطات نفسية مش عايزين البيبي ييجي عصبي .
ابتسمت جنة بلطف و أخذت تستمع الي تعليمات الطبيبة بإهتمام الي أن انتهت فأمسكت بيد أمينة و توجهوا للاسفل و مازالت كفوف العجوز ترتعش تأثرا و ضربات قلبها التي كانت تدق پعنف شعرت به جنة فإلتفتت تنظر إليها قائله بإهتمام
حاجه أمينة انتي كويسه
امينة من بين دموعها
كويسه! . دانا بقالي كتير مكنتش كويسه زي النهارده يا جنة
ابتسمت جنة و لم تعلق فتابعت أمينة التي توقفت و أخذت تناظرها بامتنان يخالطه حزن دفين و چرح عميق
شكرا يا جنة. انت حييتيني مرتين . مرة لما أنقذتي حياتي و مرة لما خلتيني اشوف حفيدي و أحس بوجوده . انتي لو طلبتي الباقي من عمري معزهوش عنك ابدا ..
أخرجهم من تلك اللحظات زامور سيارة مروان التي كانت تقف أمام البنايه في انتظارهم فتراجعت جنة للخلف و هي تناظر أمينه بخجل فتحدثت الأخيرة بنبرة مبحوحة من فرط البكاء
يالا علشان منخليهوش يستني كتير و هناك في البيت نبقي نكمل كلامنا .
اومأت جنة برأسها و تقدمت تمسك بيد أمينة إلى أن وصلوا إلى السيارة فتوجه مروان ليفتح الباب الي أمينه و قد كانت نظراته لا تفسر فسألت الأخيرة قائله
في حاجه يا مروان ولا ايه
مروان بلهجة جافة
لا يا مرات عمي مفيش حاجه . هيكون في ايه
شعرت أمينه بوجود خطب ما و لكنها لم تتحدث اكتفت بالصعود الي السيارة بينما توجهت جنه للكرسي الأمامي و لكنها تفاجئت باقتراب مروان منها و الذي قال بصوت خفيض وهو يمد لها هاتفه خلسه
اكتبي رقمك . هبعتلك عليه رساله ضروري .
تفاجئت جنة من حديثه و لكن نظراته أخافتها فكتبت رقم هاتفها و ناولته إياه فأخذه و الټفت يجلس بكرسي السائق و أخذ يعبث بالهانف قليلا فوصلتها رسالة نصية برقت عيناها
حين رأتها
اوعي تبيني اي حاجه علي وشك و تتعاملي عادي . حلا عملت حاډثه كبيرة و هي في المستشفى. مش عايزين مرات عمي تحس بحاجه خلي بالك منها و من ريتال النهاردة..
التفتت تناظره پصدمه و لا تعلم ماذا عليها أن تفعل فقامت بكتابة رسالة نصية فحواها
انت بتقول ايه حاډثه ايه طب هي عامله ايه دلوقتي و مين معاها
كان مروان يراقبها و ارتسمت تعبيرات السخرية علي ملامحه و لم يجيب علي رسائلها بل زفر بحنق و رفع أنظاره إلي ريتال الجالسه في الخلف و قال بتهكم
ربنا ادانا العقل عشان نستخدمه يا ريتال . هرد علي الرسايل ازاي و أنا سايق يا اغبي اخواتك
تفاجئت ريتال من حديثه و قالت پصدمه
اي يا عمو و أنا مالي و مال تليفونك و رسايلك
مروان بنفاذ صبر
خلاص يا ريتال انا بس
بنبهك.
ناظرته جنه بحنق و قالت من بين أسنانها
والله ما في حد هنا غبي غيرك
سمعها مروان فصاح بحنق
والله انك عايزة ضړب الجزمة يا ريتال
صړخت الفتاه بإستهجان
ليه يا عمو هو انا عملتلك ايه
هنا أدخلت أمينه قائله پغضب
انت متخلف يا ابني هي البنت كلمتك ماهي قاعدة تلعب بألعابها اهيه . ايه العبط الي بييجي عالمسا دا
اغتاظ مروان من حديث أمينه و لم يستطيع الرد و جاءت كلمات جنة الشامتة لتزيد من غضبه حين قالت
أحسن .
خرجت الكلمات منه غاضبه و مضحكه في آن واحد حين قال
يك احسن في عينك . يا قزمه انتي .
لحسن حظه لم تسمعه جنة التي انشغلت برساله نصية جاءت علي هاتفها كانت من آخر شخص توقعته
مروان اكيد قالك علي الي حصل لحلا . خلي بالك من ماما و اوعي تحس بحاجه لحد ما نرجع. و مش محتاج أقولك هعمل فيكي اي لو خالفتي أوامري
اغتاظت من وقاحته و علي الفور قامت بإرسال رد لازع يشبه وقاحته
مابخدش أوامر من حد و لو هعمل كدا فدا عشان الحاجة أمينه متتعبش و ياريت تطمني علي حلا عاملة إيه دلوقتي
لم يجبها فقد كان غاضبا للحد الذي يجعله يريد قطع المسافه الي منزلهم و كسر
ها جراء أفعالها الحمقاء التي دائما ما يدفع ثمنها.
رنين هاتفه أخرجه من شروده فأجاب حين وجد المتصل مؤمن
اذيك يا مؤمن
اذيك يا سليم بيه عامل ايه
سليم مجيبا
تمام الحمد لله . طمني عليكوا
اختار بما يخبره فأجاب بتوتر
بصراحه دا الي اتصلت بيك عشانه . يعني عدي وانا كنا عايزين نتكلم معاك شويه لو ينفع تيجي ل عدي المستشفى هو كان عايزك!
سليم بإنتباه
مستشفي ايه ماله عدي
مؤمن بإرتباك
هو كويس . يعني بقي كويس بس عايز يقابلك ضروري . لو ينفع
سليم مقاطعا إياه
ابعتلي اسم المستشفي يا مؤمن و أنا مسافة السكة و هكون عندك
كان في طريقه الي سيارته حين تقابل مع مروان الذي اتي في الحال حتي يطمئن علي حلا فاوقفه سليم الذي قال بخشونة
تطلع تقعد جمبها لحد ما اجيلك و اياك تسبها و لو لحظة واحده .
أوشك مروان علي الحديث فاوقفته كلمات
سليم المتوعدة حين قال
و لا كلمه. أنا اساسا مش طايقك و أمنية حياتي دلوقتي اكسر رقبتك فأحسنلك متضايقنيش اكتر من كدا
ابتلع مروان كلماته بداخله و رسم ضحكه بلهاء مستفزة علي ملامحه و هو يومئ برأسه مما جعل سليم يناظره بحنق قبل أن ينطلق في وجهته .
كانت تجلس أمام المرآة تناظر مظهرها الرائع و الجديد كليا عليها فقد أصر علي شراء اغلي ثوب بالمحل بل إنه لم
يكتفي بثوب واحد انما اشتري العديد من الأشياء التي يعلم بأنها ستعجبها و قد اندهشت كثيرا من كونه يعلم ذوقها الي هذا الحد و بالرغم من أن جميع الأشياء لائمتها إلا أنها كانت تشعر بأنها غريبة عليها. لم تعتد الترف و لا دفع كل تلك الأموال في تلك الخرق البالية . لم تعتد البزخ في العيش و لم تشعر بأنه يناسبها و لكن حين حاولت الرفض أتاها رده الذي كان بلهجة ناعمة كثيرا لا تشبهه
عشان خاطري يا فرح اقبلي مني الحاجات دي . المرادي انا مش بأمرك انا بطلب منك. و بتمني انك متكسفنيش
بالفعل كان هناك رجاء صامت في عيناه لم تلمحه من قبل! جعل كل مقاومتها تتلاشى و صلابتها تضعف و قد كان هذا الضعف هو أكثر شئ تبغضه في هذه الحياة و اصبح داءها الذي يلازمها منذ أن عرفته و لكنها الآن اختارت الضعف بملئ إرادتها لمجرد توسل لعين لامسته بعيناه!
من المؤكد أنها تمثيلية إخراجه و تأليفه و تظنه الآن أنه يسهر منها وومن غبائها . تلك الساذجة التي يسيطر عليها ببضع نظرات حانيه متوسلة!
ذلك الرجل أصبح خطړا عليها ينبغي منها الهرب منه و من كل شئ يحمل رائحته . فلا طاقة لها بچرح آخر و لا خذلان آخر فصفعه واحدة في الحياة تكفي !
زفرت بتعب قبل أن تحس قدماها علي الحركة و إرتداء ذلك الوشاح الأنيق من الفراء الثمين الذي لم يمانع صاحبه في دفع الكثير من النقود حتى تتلفح به لليلة واحدة فارتسمت ابتسامة ساخرة علي ملامحها قاطعتها دقات على باب الغرفة كان لها صدى قوي بداخلها وكأن كل قراراتها التي اتخذتها منذ قليل بدأت بالتلاشي حين استشعر قلبها وجوده لذا حاولت أخذ عدة أنفاس متتاليه علها تهدئ من ضجيجها قبل أن تقول بتحفيز
اهدي يا فرح . الي انتي هتعمليه دا هو الصح . انتي مفكيش
 

36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 130 صفحات