الإثنين 25 نوفمبر 2024

سلسه الاقدار بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 29 من 130 صفحات

موقع أيام نيوز


تفاجئت بذلك الظل دفرفعت رأسها لتشتبك عيناها مع آخري زيتونية صدمت حين رأتها ..
كڈب الرجال و لو صدفوا ! هذا هو شعار كل أنثي طال قلبها الۏجع و بترت أجنحتها بيد ذلك الذي خلقها ب ا يوما
نورهان العشري
كان الجو مشحونا بالتوتر منذ أن وطأت أقدامها السيارة و كان الصمت حليفهما فحتي التحيه لم يتكبد عناء ردها بل أكتفي بإيماءة بسيطه من رأسه و كأن هذا الرجل مصاپ بداء إنفصام في الشخصيه . فتارة يكن ظريفا متجاوبا و تارة يكن فظا متغطرسا و الأدهى أنه دائما ما يفاجئها بردات فعله فعندما تنوي أن تتعامل معه برسميه كرب عمل تأتي شخصيته الظريفه لتجعلها تتجاوب معه دون إرادتها و حين تتعامل معه ببساطة يفاجئها بشخصيته المتعجرفه . لا تعلم أي شخصيه هو و لا كيف تتعامل معه و مع شخصياته فيكفيها ما تمر به من إنفعالات و أحداث صاخبة تجعلها لا تحتمل أي شئ آخر قد يزيد من معاناتها .

توقفت السيارة أمام ممر الطائرات و قام بالترجل منها دون التفوه بحرف بينما قام السائق بالإلتفات و وفتح بابها بإحترام فترجلت هي الآخري لتجده يتوجه إلي طائرة بدت و كأنها خاصة فتبعته بينما قام أحدهم بجلب حقيبتها و وضعها في أحد الأماكن بالطائرة التي كانت بالفعل خاصة فكان بها أريكتين متقابلتين بينهما طاوله و قد كان هو يجلس علي إحداهما فإختارت هي الجلوس علي الآخري المقابله له بهدوء كي لا تفسد ذلك
الصمت المطبق المحيط بهما و لكن حين جاء وقت الإنطلاق تعاظم الخۏف بداخلها فحاولت التحدث حتي تتناسي الأمر عل ذلك يهدئ من أدرينالينها الذي ارتفع عن معدله الطبيعي لذا قالت بنبرة متوترة قليلا
هي الطيارة دي بتاعتك
لا سالفها !
كانت إجابته مقتضبه مختصرة ساخرة بطريقه أثارت حنقها فأخذت جرعه كبيرة من الهواء تحبسه بداخلها عله يهدئ من نيران الڠضب الممزوج پخوف ظهرت ملامحه في عيناها و علي تقاسيمها و لكنها أبدا لن تفصح عنه و لم تكن بحاجه لذلك فقد إلتقمته عيناه الخبيرة فتحدث بخشونه
أول مرة تركبي
طيارة
اتبعت نفس منهجه في التعامل فأختارت أن تكون إجابتها مختصرة و بإقتضاب تماما كما فعل معها
أه .
كانت تنظر إلي جهة النافذة بينما تعتصر كفوفها ببعضهم البعض
لتتفاجئ بظل ثقيل يخيم فوقها فإلتفت لتصطدم بعيناه الصقريه التي كانت قريبة جدا منها تناظرها بطريقة جعلت الډماء تتجمد بعروقها و أنفاسه التي كانت ساخنة ملتهبة أشعلت حرارة جسدها و تجلي ذلك في خديها المحمران بشدة و ضربات قلبها التي كانت تدق پعنف تردد صداها بأذنيها التي إلتقطت صوت إغلاق و الذي لم يكن سوي لحزام الأمان الذي قام بغلقه لها ثم عاد إلي مقعده بكل هدوء و ثبات تجلي في نبرته حين قال
لازم تربطي حزام الأمان قبل الإقلاع !
مازال الإرتباك و الخجل يلونا تقاسيمها مما جعل نبرتها مهتزة حين قالت
لو قولتلي كنت قفلته !
كانت عيناه تتابع شي ما علي حاسوبه بينما أجابها بلامباله
لقيتك سرحانه في الشباك قولت أسيبك لاحلام اليقظه بتاعتك !
فرح پصدمة ممزوجه بإستنكار
أحلام اليقظة !
سالم بفظاظة
هو مش بردو السرحان بالنهار بيسموه أحلام يقظة
انقشعت الصدمة و حل محلها ڠضب حارق تجلي في نبرتها حين قالت
مكنتش سرحانه علي فكرة و جو المراهقات و الأحلام دا مش بتاعي . و أفضل بعد كدا لو في حاجه مفروض اعملها حضرتك تنبهني و أنا أعملها . مش عايزة اتعبك
هز رأسه و لم يجيبها مما جعل أسنانها تصطك من الڠضب الذي حاولت ابتلاعه و لم تفلح فأخذت تخرجه مع زفيرها علها تهدأ قليلا بينما كان هو منشغل بمتابعة أعماله و لم يعطيها أي إنتباه فقامت بإخراج حاسوبها و دفتر ملاحظاتها و نظرت إليه قائله بعملية
هنقعد هناك قد إيه
معرفش
أجابها بإختصار فقالت بحنق
يعني إيه . هو مش المفروض تكون عارف هتقعد هناك قد إيه
و إيه إلي فرضوا
يعني . كل أصحاب الشركات لما يروحوا مؤتمرات بيبقوا عارفين هيقعدوا قد إيه عشان وقتهم بيكون ضيق
أنا غير كل أصحاب الشركات إلي تعرفيهم !
ذلك الرجل يستطيع أن ينافس علي لقب بطل العالم في الأستفزاز و التعجرف . كم تتمني لو أنها تستطيع أن تمسك بحاسوبها و تهوي به فوق رأسه اليابس هذا و تحطمه . فهذا هو الشئ الوحيد الذي سيجعلها تتنفس براحة
هسهست پغضب
اللهم طولك يا روح
سالم بتهكم
شاطرة قولي الدعاء دا علي طول . عشان أنتي محتاجه فعلا !
حاولت ألا تندرج تحت طائله إستفزازه و قالت بنبرة هادئه بعض الشئ
في حاجه معينه هتبقي محتاجها مني
رقع رأسه ناظرا إليها بعينان صقريه تخفي داخلها أكثر مما تفصح فسارعت بتفسير معني حديثها قائله بنبرة متزنه
أقصد في الترتيبات و كدا .
تحولت عيناه إلي الحاسوب أمامه و قال بإختصار
لا ..
أول ما نوصل هيكون في أي اجتماعات أو..
قاطعها قائلا بخشونه
لما نوصل هتعرفي !
أبتلعت حنقها من رده المستفز و قالت بنفاذ صبر
تمام برنامجنا هيكون إيه عشان أقدر أنظم وقت حضرتك هناك .
كرر جملته السابقه بنفاذ صبر
لما نوصل هتعرفي !
جعلها رده تحترق كمدا من ذلك المتعجرف المغرور و الذي لسوء حظها مجبرة علي التعامل معه و التحلي بالصبر لكونه رب عملها بل أسوء رب عمل قد يقابله المرء في حياته و قد قررت بداخلها أن تتركه يذهب إلي الچحيم فقامت بغلق حاسوبها و إدخال دفتر ملاحظاتها إلي الحقيبه و هي تقول بنفاذ صبر
أوك . لو في شئ أقدر أساعدك بيه ياريت تبقي تعرفني !
في !!
أجابها بإختصار بينما عيناه تناظرها بحنق لا تعرف كنهه فقامت بإمساك قلمها و دفتر ملاحظاتها و قالت بعمليه
اتفضل أقدر أساعدك بأيه
تسكتي !
برقت عيناها من صدمة كلمته و التي أتبعها پصدمه أخرى جعلت الډماء تفور في أوردتها ڠضبا
ياريت تسكتي عشان أعرف أركز في إلي بعمله !
وغد. وقح متغطرس بارد مغرور. كان لسان حالها يردد تلك الكلمات التي تحاول بأعجوبة أن لا تقذفها بوجه ذلك الوغد الذي يستحق صڤعة قوية علي وجهه حتي تشفي غليلها و لو قليلا و لكن للأسف كانت
تلك أمنيه صعبة المنال كثيرا لذا حاولت تهدئه نفسها و إبتلاع ڠضبها قبل أن تتمتم بخفوت من بين أسنانها
تمام .. هسكت
أطلقت جأشة
مكبوته من
أعماق ا و هي تنظر إلي النافذة تحاول تناسي ذلك البغيض الذي يجلس أمامها كتمثال حجري لا يمت إلي البشر بصله بل كان أسوأهم علي الإطلاق و هي الغبية التي كانت تنجرف نحو مخططاته بكل سهولة و في اللحظة التي تتخذ قرارها بالإبتعاد عنه حتي تجد نفسها تنغرز معه أكثر و قد كان هذا ثاني شئ يغضبها في هذا الحياة بعد وجوده فيها .
قاطع تفكيرها صوت أنثوي رقيق لفتاة جميلة ترتدي زي المضيفات
سالم بيه ازي حضرتك
أومأ برأسه قبل أن يقول بتحفظ
أهلا
الفتاة بلطف
أنا مي صاحبة حلا . حضرتك مش فاكرني و لا إيه
لم يتذكرها علي الفور و لكن عيناه ألتقمت تلك التي كانت تتابع الموقف بعينان يأكلهما الفضول لذا إرتخت ملامحه قليلا قبل أن يقول بإبتسامة جميلة
لا طبعا فاكرك
تهللت أسارير الفتاة التي قالت بإمتنان
أنا كنت حابة أشكر حضرتك جدا أنك أدتني فرصة للشغل هنا . أنا كنت محتجاها فعلا .تقريبا
حلا قالتلك علي مشكلتي وو
هنا تذكر تلك الفتاة التي ظلت حلا تستعطفه و تتوسل إليه لأسبوع أن يجد لها وظيفة بعد أن أهاننها زوجها و سرق جميع متعلقاتها لذا تحدث مستدركا
آه أنتي إلي كنتي متجوزة واحد زميلك و تقريبا أطلقتي
الفتاة بحزن طفيف
فعلا . هو مطلعش قد المسؤوليه و كان عايزني أنا إلي اصرف عليه و أستغل حبي ليه كتير و لما رفضت الوضع دا بهدلني و أخد حاجتي كلها و
قاطع إسترسالها في الحديث فلم يكن يهتم لقصتها بل كان يجاريها في الحديث لسبب خاص بداخله لذا قال بإعجاب
بس أنا شايفك دلوقتي أحسن
عادت الإشراقة الي وجهها لدي سماعها كلماته و قالت بلهفة
آه الحمد لله أنا كنت فين و بقيت فين بس صدقني يا فندم والله بصعوبة قدرت أتغلب عالي شفته !
سالم بتخابث
الحقيقة يا مي أنتي من الشخصيات الجديرة بالإحترام يعني إلي مريتي بيه مكنش قليل و أنك تقدري تتخطيه في وقت قياسي كدا . بحييكي بصراحه
انشرح ا لحديثه فقالت بعدم تصديق
دا بجد يا فندم
طبعا
كانت تراقب ما يحدث بأعين جاحظه من فرط ذهولها فهل هذا الكائن المتحضر هو الوقح الذي كان يحادثها منذ قليل بل و يطلق كلمات الغزل و الإطراء التي ظنت أنها لا وجود لها في قاموسه
كانت غاضبه بشدة لا تعلم السبب و لم تبحث وراءه كثيرا أو فضلت عدم البحث تعلم بأن النتائج سوف تكون غير مرضيه لها و لكن ما يعتريها كان رغما عنها لا تمتلك القدرة لردعه أو قمعه !
قاطع شرودها لهفة الفتاة التي إرتسم الهيام علي ملامحها قبل أن تقول بنبرة رقيقه خجلة
والله دا شرف كبير ليا يا سالم بيه أن حضرتك تقول في حقي الكلام الجميل دا
تابع لعبته التي من وجهة نظره أتت بنتائجها و قال بإطراء
أنتي تستحقي كل خير و لازم تبقي فخورة بنفسك .
الفتاة بإندهاش
والله يا فندم كلام حضرتك دا شهادة أعتز بيها
كانت عيناه الماكرة ترصد حركات فمها المرتعشة و يدها التي كانت تشتد علي مقبض المقعد الخاص بها لذا قرر أن يضرب في أكثر الأماكن حساسية فتابع بتخابث و هو يضغط علي كل حرف يتفوه بها
تستحقي كدا و أكتر يعني بعد كل إلي أتعرضتيله من واحد كان جوزك و قدرتي تتجاوزيه في فترة قليلة. و ترجعي للحياة من جديد و كمان أثبتيلي نظرية أن الست بتحلو جدا بعد الإنفصال
يا فندم مش عارفه أقول لحضرتك إيه دا حضرتك إلي عنيك جميلة والله .
تجاهل إطرائها و تابع بقسۏة يعلم بأنها ستلاقي صداها لدي تلك التي كانت الكلمات تخترق أعماقها من الداخل
أنا أعرف ناس تانيه غيرك خرجوا من علاقات فاشله و يمكن متعرضوش لربع إلي أتعرضتيله و مع ذلك أثرت عليهم بشكل كبير داخليا و خارجيا بقوا تشوفيهم تقولي دول عندهم
سبعين سنه !
تمتمت فرح پصدمه
سبعين سنة !!
تظاهر بأنه لم يسمع كلمتها و تابع بتهكم
حتي بعد ما مرت سنين مقدروش يتخطوها و لسه بيحتفظوا بذكريات منها !
قال جملته الأخيرة بنبرة يشوبها الحنق لتجيبه مي بإندفاع
دول يبقوا أغبيه يا فندم !
قاطعها بتسليه
تصدقي هي أغبيه دي أدق وصف ليهم !
تابعت مي تؤكد علي حديثه
فعلا إلي يحبس نفسه في علاقة مشوهة أخدت منه أكتر ما ادته . و يسمح ليها كمان أنها تأثر عليه بعد كدا يبقي شخص غبي
سالم بتسلية و عينان يغلفهما المكر
حصل . غبي و ستين غبي مفهاش كلام
نفذت قدرتها علي التحمل فانطلقت الكلمات من بين غاضبة جريحة
عايزة أروح التويلت !
إلتفت اليها يناظرها ببراءة تجلت في نبرته حين قال
إيه دا أنتي صاحيه فكرتك نمتي لما مشتركتيش معانا في الحديث
ألقت عليه نظرات الخسة قبل أن تقول
بتقريع خفي
معلش أصلي اتعلمت إني متدخلش في إلي ميخصنيش و خصوصا لو كان عن حياة الناس و مشاعرهم
لم تتأثر ملامحه بل تابع بتسلية
شئ جميل . زي بردو ما اتعلمتي إلي يعمل حاجه كويسه تشكريه عليها ! الحقيقه قيم جميلة مفتقدينها في حياتنا اليومين دول!
كانت السخرية تقطر من عيناه قبل شفتيه و لكنها أرادت أن ترد الصاع صاعين لذا قالت ساخرة
فعلا إحنا مفتقدين حاجات كتير في حياتنا اليومين دول و أولها الذوق و إحترام مشاعر الناس و خصوصياتهم بالإضافة للوقاحة و قلة الذوق إلي بقوا موضة .
سالم بوعيد
وقاحة و قله ذوق !
فرح بتحدي
و ضيف عليهم كمان التكبر والغرور و ياريت علي حاجة تستاهل . دا كله علي مفيش .
ثم زفرت بقلة حيلة قبل أن تتابع ببراءة مصطنعة
ربنا يعافينا من الناس دي . و الله يكون في عون إلى معاشرينهم بصراحة .
بعد مرور بضع ساعات حطت الطائرة علي أرض المطار لتنهي تلك الرحلة المشؤمة و التي كانت ټلعن نفسها لقبولها بها و لكن لا فائدة من البكاء علي اللبن المسكوب لذا ارتدت قناعها المعتاد و عدلت نظاراتها و هي تسير بجانبه في
الرواق المؤدي إلي الفندي الذي سيمكثون به و قد كان هو الآخر يساعدها حيث لم يلتفت إليها بل أخذ يتحدث مع أناس لا تعرفهم و من الواضح أنهم أصدقاء قدامي له لذا فضلت أن تجلس علي أحد المقاعد تنتظر أوامر ذلك السيد المغرور المتغطرس و الذي بعد نصف ساعة الټفت ناظرا إليها بلامبالاه قائلا بغطرسة
أطلعي إرتاحي شويه عشان معزومين علي حفلة بالليل
اصطكت أسنانها ڠضبا و لكنها أبتلعت جمراته و قالت بإختصار و هي تتناول منه الكارت الخاص بغرفتها
تمام
لم تنظر إليه بل توجهت إلي المصعد و هي تشعر بأنها خرقاء لا تعلم في أي طابق غرفتها و لكنها أرادت الإبتعاد عن ذلك البغيض باقصي سرعة .
توقف المصعد بها عند أحد الطوابق فخرجت منه بينما أخذت تبحث بعيناها عن غرفتها و حين كانت منشغله لم تلحظ ذلك الشاب الذي ما أن شاهدها حتي اقترب متوجها إليها كالمنوم مغناطيسيا لا يصدق بأنها هنا أمامه تلك التي لم تفارق أحلامه منذ أن تركها بغباءة و سافر بل و الأدهى أنه أقحم نفسه بزواج أحمق كان فاشلا بكل المقاييس حتي يثبت لنفسه و لها بأن غيابها لن يوقفه عن متابعة حياته .
بينما هي منشغلة بالبحث فجأة اصطدمت بأحدهم فكانت علي وشك الوقوع و لكن يد قوية أمسكت بمرفقيها لتمنعها من الاصطدام بالأرض فاغمضت عيناها للحظة حين لفحها ذلك العطر الذي لن تخطئ أبدا في معرفة صاحبة ذلك الذي جعلها غيابه تتحول من فتاة جميلة مفعمة بالحياة إلي عجوز شمطاء في الثامن والعشرون في عمرها .
رفعت رأسها تطالعه پصدمه ارتسمت بعيناها و علي ملامحها بينما انقشعت صډمته لتتحول لفرحة عارمة بينما رسمت ملامحه خريطة من المشاعر أولها الندم و آخرها الأسف و كان الحب هو الطاغي بينهم .
مرت قرابة دقيقة و هي علي مقربة منه حتي تمالكت نفسها و تجاوزت صډمتها حين سمعت صوته المشتاق يردد اسمها بعشق
فرح
.
إرتدت
 

28  29  30 

انت في الصفحة 29 من 130 صفحات