روايه عشق
تلتزم حدودها وتدرك أنها زوجة يحيي الشناوي فسيريها الوجه الآخر له..وهو وجه لن تحب رؤيته البتة.
وقفت رحمة فى مكانها تشعر بالإختناق..لا تتخيل وجودها هنا فى حجرته هو وراوية..حجرته التى تحمل ذكرياتهما سويا..قټلتها الغيرة ..لتشيح بوجهها وتلتفت إليه قائلة بضيق
مش هقدر أكون هنا..أنا لازم أخرج.
عقد حاجبيه قائلا
تخرجى فيندى اوضتى والمفروض تشاركينى فيها.
لأ دى أوضتك إنت وراوية..ومش هقدر أكون فيها معاك.
تأمل ملامحها المرتعشة من المرارة يغلفها الحزن والضيق..يتساءل عن سر عدم رغبتها بالمكوث بتلك الحجرة..هل هي ذكريات أختها الرابضة بها..أم إنها ذكريات أختها معه والتى تملأ جنبات الحجرة..ترى هل تغار رحمة عليههل كانت تحمل له مشاعر فيما مضى حقادق قلبه بسرعة لهذا الإحتمال الذى تمنى ان يكون صحيحا من كل قلبه..إنتابته الشكوك..وود من كل قلبه لو قطع الشك باليقين
مش هينفع طبعا..خروجك برة الأوضة شئ مش مسموح بيه.
جلست على الأريكة وقد تهدمت قواها وأغروقت عيناها بالدموع وهي تطالع سريره ..تتراءى لها صور قاټلة لقلبها ومشاعرها وكيانها بأكمله..لتقول پألم
مش هقدر..صدقنى مش هقدر.
لاحظ نظراتها ليعود الامل إلى قلبه الذى رق لدموعها
وتمنى ان يكون ما يفكر فيه صحيحا ويجلس أمامها على ركبتيه...وسط ذهولها وهو يقول برقة
ليه بس مش هتقدرى
تأملت عسليتاه اللتان تعشقهما وخاصة عندما ينظر إليها بهذا الحنان..كادت ان تعترف..ان تصرخ بكل قوتها قائلة..لإنك كنت لغيرى بها..قلبا وقالبا..أشعر بالخېانة ..بڼار ټحرق فؤادى..أشعر بأن أنفاسى تختتنق وأنا أتخيلك .. ..تمنحها العشق الذى تمنيته يوما..أشعر بروحى تزهق وانا أصم آذانى التى تستمع إلى لهاثكم الآن وثورة مشاعركم..نعم أتخيلها بوضوح لتمزق شرايينى..ورغم أننى أتمزق لأن هناك أخرى كانت بحياتك قبلى إلا أن معرفة أنها كانت أختى..تجرى بها دماء أبى..يذبحنى حقا..كادت ان تقول كل ذلك واكثر ولكن خۏفها من أن يدرك يحيي أنها مازالت تحبه حال دون إعترافها ..وألجم لسانها عن قول الحقيقة..لتقول بصوت حاولت أن تهدئ نبراته
ترك يدها ونهض ببطئ ..يشعر بخيبة الأمل ليقول بنبرة خالية من المشاعر تشوبها فقط بعض السخرية
غريب عنك عشان نتعود على بعض.
نظرت إليه رحمة قائلة فى خجل وإرتباك
بس....
قاطعها قائلا بلهجة حاسمة
مفيش بس..مش هينفع تخرجى برة أوضتى..جوازنا ووجودى هنا بيحتم وجودك معايا..إحنا صحيح جوازنا مصلحة بس أدام الناس مش لازم
ليتركها ويدلف إلى الحمام..تاركا إياها تنظر بحسرة إلى ليلة زفافها إليه والتى حلمت بها سنوات طوال..ټصارع رغبتها بالنداء عليه والإعتراف له بكل شئ..لتتذكر وعدها لراوية وتنهض ببطئ تفتح دولابه التى وضعت به روحية اشياءها وتأخذ منه عباءة تغطى جسدها بالكامل..فسوف تنام إلى جواره شاءت أم أبت ..مدركة أنه لن يرضى بنومها على الأريكة ولن يستطيع النوم بها لصغر حجمها..لذا تنهدت فى يأس وهي تنتظره حتى يخرج من الحمام لتدلف هي إليه وتنهى تلك الليلة الطويلة..الحالكة ..والتى إختفى قمرها ليزيدها.....سوادا.
لتبتسم بشيطانية وهي تدلف مجددا إلى الحجرة لتداوى حړق باطن يدها وتنتظر حتى طلوع الصباح لتبدأ فى تنفيذ خطتها ...تدعوا فى سرها أن تحقق تلك الخطة مأربها..لترتاح من تلك الشقية
والتى تعبث فى حياتها مفسدة كل خططها.... حتى الآن.
كانت نائمة بعمق...لتسمع همساته التى جعلت عينيها تتسع بقوة وهو يقول
عارف إنك صاحية فبلاش تمثلى علية يارحمة ..أنا أدرى الناس بيكى..ده أنا اللى مربيكى.
إلتفتت إليه ليرفع نفسه على مرفقه وينظر إليها متأملا بنظرات سحبت أنفاسها ولكنها تمالكت نفسها وهي تنظر إليه قائلة بعتاب
ولما إنت مربينى على إيدك صدقت ليه إنى ممكن اخونك..وأخونك مع مينمع أخوك اللى إنت عارف أد إيه كان بيضايقنى وياما إشتكيتلك منه
نظر إلى ملامحها فى عشق قائلا
عشان أنا غبي ..قلبى كان حاسس إنك مظلومة.. والنهاردة حابب أسمعك..انا اهو أدامك..فهمينى.
إعتدلت جالسة تنظر إليه بعتاب قائلة
كان زمان ممكن أقولك وأشرحلك ..بس دلوقتى فات الأوان.
قائلا بهمس
سامحينى..
لتغمض عينيها تأثرا بنبراته الهامسة و
أفاق يحيي من نومه على صوت همسات رقيقة بإسمه ..إعتدل على الفور وهو يدرك مصدر تلك الهمسات..لينظر إلى فاتنته التى ظل يتأملها طوال الليل بعد أن نامت بصعوبة تتمسك بالغطاء وكأنه سيحميه منها إن أرادها..إبتسم وهو يتأمل شعرها المبعثر ووجهها الرائع الملائكي القسمات حتى فى نومها..لتنطلق من شفتيها مجددا همسة بإسمه..أطارت عقله عندما ترددت مجددا بنبرة عاشقة جعلته يود لو مال الآن وقطف تلك الشفاه التى تهمس بإسمه بنبرة إشتاق لسماعها..كاد أن يستسلم لمشاعره ولكنه عقد حاجبيه وهو يتراجع فجأة بعد ان أدرك أنها تحلم به..نعم إنها تحلم به..ترى أيراود هو احلامها كما تراود هي أحلامهآاااه كم يتمنى لو كانت حقا تعشقه..ربما وقتها سامحها على كل أخطاء الماضى..همست بإسمه مجددا ليشعر بأنه على وشك ان يطيح بكل شئ ولكنه عندما يفعل يجب ان يتأكد بأنها تعشقه حقا وتريد ان تكمل حياتها معها..حتى الرمق الأخير ولكن ليهزها برفق قائلا
رحمة..فوقى يارحمة.
فتحت عيناها الرماديتان ببطئ عندما رأته فإبتسمت إبتسامة عشق..ليبتسم بداخله..ولكنه قال بهدوء
صباح الخير.
إختفت تلك الإبتسامة على الفور وهي تدرك أن ماحدث بينهما كان حلما..وأن يحيي أمامها حقا..لتتسع عينيها فى
صدمة ويتخضب وجهها خجلا.. ويخفى يحيي إبتسامة كادت ان تعلو شفتيه وهو يدرك ما هي فيه الآن من إضطراب وخجل..لتقول
بإرتباك
صباح النور..
ثم تنظر إلى عبائتها تتأكد أنها ترتديها وأن سحابها مغلق..ليكاد يحيي ان يطلق ضحكة من بين شفتيه رغما عنه وهو يتابع نظراتها ليكتمها تماما وهي تعاود النظر إليه قائلة
انا... أنا...
قال
بنعومة
إنتى إيه
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة
أنا هاخد الحمام الأول..عن إذنك.
لتنهض بسرعة وتدلف إلى الحمام ..كاد يحيي أن يطلق سراح ضحكته وهو يتابعها ليكتمها مجددا ورحمة تفتح الباب قائلة بإضطراب
نسيت آخد هدومى.
لم ينطق يحيي بكلمة..لتذهب رحمة إلى الدولاب وتأخذ ملابسها متجهة إلى الحمام بسرعة..ومغلقة الباب خلفها ..ليطلق يحيي سراح ضحكته تلك المرة ..ضحكة فارقت شفتيه منذ زمن بعيد..يتراقص قلبه فرحا..وهو يدرك كنه حلمها من همساتها ونظراتها لملبسها وخجلها..ويدرك أن بطيات قلبها هناك مكان له ..أور ربما هي تتمناه حقا..وإلا ما كانت حلمت بمثل تلك الأحلام..ليشعر بشعور لا يستطيع وصفه من روعته..إنها أنفاس الحياة تعود إليه مجددا..فلقد كانت حياته من دونها قاحلة وجاءت هي فأعادت الألوان لحياته من جديد ومنذ اليوم الأول..وحدها من تستطيع فعل ذلك..هي..رحمته....ولا أحد غيرها.
الفصل الثانى عشر
زفر مراد قائلا
يعنى برده مصممة متنزليش تفطرى معانا
تقلبت بشرى على جنبها..تسحب الوسادة لتضعها تحت رأسها..قائلة بنعاس
تؤ تؤ..أنا قلتلك من بالليل إنى هحاول مشوفهاش كتير..عشان لما بشوفها بتعصب وساعتها إنت وأخوك هتزعلوا منى..يبقى أنزل بقى ولا أكمل نوم أحسن
تنهد مراد قائلا
لأ..كملى نوم أحسن..أنا نازل رايح الشغل ..محتاجة حاجة
غمغمت بكلمات لم يفهم منها شيئا ليدرك أنها قد عاودت النوم من جديد..هز كتفه بقلة حيلة..ثم إتجه إلى الخارج مغادرا الحجرة بهدوء..وما إن غادر حتى فتحت بشرى عينيها وهي تنهض بسرعة ساحبة الهاتف من على الكومود بجوارها وممررة أصابعها على أزراره بسرعة..ليرن على الجانب الآخر..وما إن رد عليها محدثها حتى قالت بصوت متهدج تشوبه دموع مفتعلة
حاج صالح.....إلحقنا ياحاج.
كان مراد يهبط السلالم ببطئ..يحضر نفسه ربما لمشهد عاطفي ېمزق قلبه..يتمنى من الله أن يظلا هذين الزوجين بحجرتهما وأن يغادر للعمل دون أن يراهما اليوم مطلقا..توقف فى جمود حين خاب أمله و رآهما على طاولة الطعام يتناولان الإفطار..تماما كالماضي..حين كان يهبط لتناول الإفطار فيجدهما يفطران مع بعضهما البعض..وسط جو من المرح والضحك مايلبث أن يشاركهم فيه..كان
وقتها لا يدرى أنهما واقعان بالحب بل كان يظن أنه وحده المغروم بذات العيون الدخانية والشعر الأسود كالليل ..ورغم أنها غيرت لونه الآن للون الكستنائي ..إلا أنه مازال يليق بها ..ولا يقلل من جمالها ذرة..بل إنها إزدادت نضجا وجمالا عن الماضى..نفض أفكاره الخاطئة كلية..إنها زوجة أخيه..إمرأته هو ولا يجب أن ينظر لها كحبيبة أبدا..بل يجب أن ينساها..ولكن كيف ينساها وهي أمامه طوال الوقت..ربما عليه فعلا الإنتقال لمنزل آخر.
تأمل الزوجان الجالسان بجوار بعضهما البعض بشئ من الريبة..إنتابته الحيرة..فكليهما صامت..يتناول طعامه بسكون تام..وكأن الليلة الماضية لم تكن أبدا ليلة زفافهما.
مهلا......
ها هو أخيه يسترق النظر إليها يتأملها بنظرات لم يرها فى عيني أخيه أبدا..إنها نظرات عاشق ..ربما لم ينتبه لها بالماضى ولكنه كان غرا وقتها..مشاعره ساذجة..ودون تجارب تذكر..فقط رحمة ولا أحد غيرها..لذا لم يميز نظرات العشق من نظرات المودة والأخوة..
وها هي رحمة ترفع عينيها إلى يحيي تحاول إستراق النظرات إليه بدورها فإلتقت عيناها بعيني يحيي وتجمدا سويا..فقط ينظران لبعضهما البعض..يغرقان وسط دوامة من المشاعر ظهرت لمراد واضحة جلية..أشعرته بالإختناق رغما عنه..كاد أن يبتعد مغادرا قبل أن يلمحاه..ولكن لسرعته إرتطم بتلك الطاولة فى طريقه وكاد أن يوقع تلك المزهرية الثمينة ولكنه تمسك بها فى اللحظة الأخيرة..ليضعها مكانها وهو يزفر بقوة ليغمض عينيه بقوة حين إستمع لصوت أخيه وهو
يقول بهدوء
مراد.
فتح عيناه وهو يلتفت إليهما يختلف عن كيانه المضطرب بالكامل..قائلا
صباح الخير.
قالا سويا
صباح النور.
تخضب وجه رحمة بحمرة الخجل وهي تنظر إلى يحيي قبل أن تطرق برأسها..بينما أبعد يحيي عيونه عنها بصعوبة وحمرة الخجل تزيدها جمالا..لينظر إلى مراد قائلا
إنت كنت ماشى من غير ما تفطر يامراد
أومأ مراد برأسه قائلا
أيوة ..أصل ورايا شغل مهم وعايز أخلصه قبل الميتنج .
قال يحيي بهدوء
الميتنج مهم صحيح بس صحتك أهم يامراد ..أقعد إفطر معانا.
نظر مراد إلى رحمة ثم إلى يحيي بإرتباك قائلا
مش هينفع صدقنى.
كانت رحمة قد أعدت لمراد شطيرة سريعة وهما يتحدثان وناولته إياها قائلة
طب كل دى بس ..عشان خاطرى يامراد.
شعر مراد بالإضطراب لينظر إلى يحيي الذى ظهرت ملامحه عادية وهو يومئ له برأسه ليأخذها..ليأخذ مراد منها الشطيرة وهو حريص على أن لا تلامس يده يدها..ويحيي يجز على أسنانه ويقبض على يده بقوة كي لا يتهور..يشعر بالغيرة تحرقه..أشعلته كلمات رحمة البسيطة..وإدراكه أن مراد تأثر بها..وبإبتسامتها الحمقاء تلك والتى إرتسمت على شفتاها عندما رأت مراد يتناول شطيرته على عجل ..ليود يحيي أن يمحي تلك الإبتسامة من على وجهها حتى لا يراها غيره..ولكن وحتى دون