روايه اولاد يعقوب
النادل الذي توقف بجوار المنضدة يمسك صينية يعلوها كأسين من العصير الطازج وضع كل كأس أمام كل منهما على حده وسأله
أي طلبات تاني يا فندم
أجاب يوسف بلباقة
تسلم.
ذهب النادل فتحمحم يوسف قبل أن يتحدث ويسألها
إيه رأيك في المكان
ابتسمت والخجل يغزو ملامحها وخديها يتخضبان باللون الوردي فأجابت
استند بمرفقيه على حافة المنضدة وأخبرها بأعذب الكلمات
وأحلى ما في المكان انتي.
نظرت إلى أسفل بخجل وتوتر رفعت وجهها تتناول كوب الماء ابتسم من خجلها الجلي فقال
أنا والله ما بعاكس أنا لما ببقى شايف حاجة جميلة بوصفها من قلبي.
بصراحة يا مريم ومن غير لف ودوران من ساعة ما شوفتك وأنا حسيت بحاجة بتشدني ليكي ممكن دا اللي بيقولوا عليه الحب من أول نظرة لكن كنت بكدب نفسي ولاقيت الإحساس بيزيد جوايا يوم ورا التاني أتمنى إن يكون إحساسي وصلك.
كل كلمة
قولتها بتعبر عني بالظبط.
تهربت من نظراته ونظرت نحو مياه النهر ثم استطردت
يعني كل حاجة انت حسيتها أنا كمان حسيت بيها واحتفظت بإحساسي لنفسي عشان مش عايزة أعيش في وهم.
تعجب من ذكرها لآخر كلمة فسألها
التفتت لتنظر إليه فأجابت
فيه فرق واضح ما بينا أنت يوسف ابن الحاج يعقوب الراوي وأنا بنت أخت عم عرفة اللي بيشتغل عند والدك ومجرد موظفة.
مد يده ووضعها على يدها قائلا
الكلام اللي بتقوليه دا كان زمان أيام فيلم رد قلبي دلوقتي مفيش أي فرق و اللي عايز يوصل بيوصل لما يجتهد ويعافر.
سحبت يدها بخجل وقالت
لم يستطع كتم ضحكاته تلك المرة فأثار ڠضبها
هو أنا قلت إيه بيضحك يا أستاذ يوسف
توقف عن الضحك فأجاب بجدية
أصل الحاج يعقوب بنفسه كلم عم عرفة امبارح وقرر بإذن الله بكرة نيجي عندكم نقرأ الفاتحة.
فتحت فاها وكأن على رأسها الطير فأردف
يقف مع العمال ويشير إليهم نحو الرفوف الشاغرة
حط العلب دي هنا والتانية على الرفوف اللي هناك.
أومأ إليه العامل وقال
أمرك يا حاج.
انتبه إلى هذا القادم إليه فباغت الڠضب ملامحه سأله
أنت إيه اللي جابك هنا
ابتسم حمزة بدهاء وأجاب
حد يستقبل جوز بنته كدا برضو يا عمي
صاح يعقوب ولوح بيده إليه
أنت بتخرف بتقول إيه ياض! مش قولت ليك خلاص سيرة وفضيناها
اقترب منه وبصوت هادئ أخبره
طيب يا
حاج تعالى نتفاهم بالعقل عشان انت اللي محتاج ليا.
وقد داهم الشك قلب يعقوب فقال
والله لو هتجيب لبنتي وزنها دهب برضو مش موافق وأديك سمعتها بنفسك عمرها ما هتعصاني لأنها عارفة وواثقة إن ببقى عايز مصلحتها وبخاف عليها من أي أذى.
نظر إليه عن كثب مع ذكر أخر كلمة ابتلع الأخر الإهانة قائلا
طيب يا عمي اللي أنا جاي لك فيه ما ينفعش أقوله ليك قدام العمال.
كان صبر يعقوب قد أوشك على النفاد فأطلق زفرة وأشار إليه نحو المكتب على مضض قائلا
أخلص.
جلس بكل ثقة وهو في وضع المنتصر وعلى وشك أن يربح أول جولة.
طبعا انت لسه على موقفك مني ورافض جوازي من بنتك.
رمقه يعقوب بامتعاض وأخبره بسخرية
والله كلك مفهومية.
طب إيه رأيك بنتك ما ينفعش تتجوز حد غيري لأنها مراتي.
الله يطولك يا روح.
رددها بعدما أطلق زفرة لعلها تنفث ولو القليل من غضبه الذي لو أطلقه على هذا الأحمق لم يتركه حيا ثم أردف
ياريت ربع الثقة اللي انت فيها دي يا أخي وبعدين إيه مراتك دي يا ابن سعاد اتلم أحسن لك واللى عمال تلف وتدور عشانه نجوم السما أقرب لك منه.
جز حمزة على أسنانه وقرر أن يتخلى
عن حديثه المبهم ليلقي عليه مباشرة الآتي
هجيبهالك من الأخر يا يعقوب يا راوي أنا نمت مع بنتك.
هب يعقوب كالعاصفة صائحا
بتقول إيه يا كلب
نهض ووقف يجيب بكل جدية لا تحمل مزاح
زى ما سمعت ولو مش مصدقني خدها عند أي دكتورة نسا هتقولك إنها مش بنت وما تخافش أنا كدا كدا هاستر عليها وهتجوزها يعني المفروض تشكرني.
تجمع العمال على صياح يعقوب فصړخ بهم
واقفين بتهببوا إيه كله يطلع برة.
خرج الجميع فجلس على المقعد ووضع يده على موضع قلبه يرمق حمزة بنظرة قاټلة وأمره بصوت يكاد يكون مسموعا
اطلع.. اطلع بره يا..
خارت قواه وأصابته حشرجة في حنجرته ثم فقد الوعي في الحال.
عاد يوسف من الخارج بعد أن أوصل مريم إلى منزل خالها لتعد نفسها إلى زيارة المساء كما أخبرها.
ولج ويردد كلمات إحدى الأغاني وقلبه يرقص طربا وجد زوجة أبيه تجلس على الأريكة وتسند وجنتها على كفها ذهب إليها وجلس بجوارها يسألها
مالك يا ماما راوية قاعدة حزينة وحاطة إيدك على