رحله الاٹام
تسحب الباب ورائها لتغلقه
سلام عليكم.
همت فردوس بالاستدارة والذهاب إلى غرفة نومها لكن استوقفها في منتصف الطريق قرع الجرس تساءلت في استغراب
هي إجلال نسيت حاجة ولا إيه
في تلقائية واضحة نادت من موضعها دون أن تفتح الباب بعد لترى من الطارق
أيوه يا إجلال!
تجمدت في مكانها مذهولة وقد أبصرت من أذاقها قساوة الغدر يقف قبالتها بشحمه ولحمه همهمت باسمه في صدمة جلية
كانت لا تزال على دهشتها وهو يسألها بروتينية مشوبة بالحرج
إزيك يا مرات أخويا
في التو اكتسب وجهها طابعا مستنكرا وتحولت نظراتها للسخط لتظهر عدم ترحيبها بظهوره المفاجئ. تنحنح بدري بصوت خفيض قبل أن يستطرد
لا مؤاخذة إن كنت جيت
كده على غفلة...
راقبته في نظرات متحفزة فاستمر يخاطبها
أنا لسه راجع وسألت عن عوض أخويا والناس قالولي إنه لسه ساكن هنا..
هنفضل واقفين كده على الباب مش هتقوليلي أتفضل يا مرات أخويا
ما بينهما لم يكن عاديا بل كان حافلا بالكثير الأحرى أن يقال أن هجره لها بهذه الخسة تسبب لها لاحقا فيما تعرضت له من ذل وهوان. عاملته بجفاء صريح حين ردت في عبوس
جوزي مش موجود مقدرش أقولك اتفضل وأنا ست لوحدي.
اللي إنتي شايفاه صح اعمليه.
حك مؤخرة عنقه ليتابع بعدها بشيء من التردد الحرج
عموما أنا كنت عاوز أقولك كلمتين أنا محقوقلك في اللي عملته زمان ونفسي تسامحيني.
نظرت له بحنق قبل أن تخبره عن عمد قاصدة التعبير عن كراهيتها الصريحة لما اقترفه في حقها قديما
ربنا بيخلص من كل واحد اللي عمله.
هز رأسه قليلا ليضيف بغموض وبصوت يعبر عن الأسى
طالعته بتحير فلم يوضح أكثر واكتفى بالطلب منها
لما يرجع عوض قوليله إن أخوه جه وسأل عليه وأمه نفسها تشوفه.
أوجزت في ردها عليه كأن شأن عائلته مع زوجها لا يعنيها بالمرة
طيب.
استدار بدري استعدادا لانصرافه ومع ذلك توقف ليقول بندم
حقك عليا مرة تانية
يا ست البنات.
اعتصر الألم قلبها للحظة فقټلت ذلك الشعور الموجع وتحركت عائدة لبيتها ولسان حالها يهمهم في حسرة
يتبع الفصل الثاني والعشرين
الفصل الثاني والعشرون
البديل
حينما وصلت إليه أنباء علتها الصحية لم يتردد عوض للحظة في الذهاب إليها على وجه السرعة لرؤيتها والمكوث معها لعدة أيام ريثما يطمئن عليها ويعوض ما فاته بفراقها لسنوات عنه لكنها كانت كعادتها ساخطة ناقمة مشحونة بكراهية غير مبررة تجاه زوجته المغلوبة على أمرها. اشتد بصدره الوجيب وامتلأ وجهه بعلامات الاستهجان ووالدته لا تزال تلح عليه في تصميم مغاير لما يريده
حول أنظاره عنها فأكملت بما يشبه الإهانة
دي أرض بور ومافيش منها رجا قعدتك معاها هتخسرك اللي فاضل من عمرك.
احتج على ظلمها المجحف وصاح مستنكرا بضيق
أنا راضي بحالي معها فمالوش لازمة الكلام ده
أمسكت بذراعه وتوسلته بمكر
وتزعل أمك
كان محاصرا بين نارين الظفر بمحبتها وبمراعاة غيبة زوجته. زفر مليا وقال بتعابير ممتعضة وهو يحتضن كفها بيده
زعلك غالي عندي بس أنا بتقي الله في مراتي.
كادت تنطق بشيء لتسخر منها فاستوقفها باسترساله وهو يستل يده من كفها بعدما أراحه على الفراش
فردوس اللي مش عجباكي دي وعمالة تجيبي من الأرض وتحطي عليها من غير ذنب وقفت معايا لما الكل إداني ضهره وأولهم إنتي.
تجهمت على الأخير فاستمر مضيفا وكأنه يبدي عرفانه بصنيع جمائل حماته الراحلة معه
أمها فتحت باب بيتها ليا واعتبرتني ابنها
وعمرها ما قالت كلمة تزعلني.
تطلعت إليه والدته بغير اقتناع وظلت على هجومها القاسې
سيبك من الهري ده كله كفاية إنك ماجبتش منها عيال يعني مافيش حاجة تربطك بيها سيبها وأنا عندي ليك ألف واحدة تانية غيرها.
وقتئذ اتخذ موقفا معاندا وأصر على تمسكه بزوجته
فردوس مراتي وهتفضل على ذمتي لحد ما أموت.
احتقنت نظراتها للغاية وسألته في نبرة موحية لم تكن مريحة له
وأخوك
بدا متحيرا في مقصدها فأوضحت بأسلوب فج
ترضى تخلي واحدة زي دي أخوك كان عينه منها
انخلع قلبه من حديثها المسمۏم الذي يعلن في طياته عن حرب ضروس وهتف في ڠضب متصاعد
إيه الكلام ده يامه مايصحش كده!
ابتسمت لأنها نجحت في وغر صدره ضده وأكملت بخبث
أومال مفكر إيه
احمر وجهه ڠضبا وحقدا فزادت من إشعال دواخله بكلامها
إنت نسيت اللي كان بينهم ده لو كان طلب منها تسلمه نفسها كانت عملت.
وكأنها هوت على رأسه بمطرقة غليظة أظلمت نظراته واسودت ملامحه حتى نبرته اخشوشنت وقد رفع سبابته محذرا إياها بصرامة
ثم أولاها ظهره استعدادا للمغادرة فنادت من ورائه
اسمع بس يا عوض!!
توقف في منتصف المسافة لم ينظر إليها بالكاد حاول ضبط أعصابه بعدما استثيرت بهذه الاټهامات المجحفة كز على أسنانه وهو يخاطبها بوجوم شديد
بركة إنك بخير يامه ربنا يطمنا عليكي وأنا كل شوية هفوت أشوف أحوالك.
صاحت به في غيظ
هتركب دماغك يا عوض
اكتفى بتوديعها المقتضب
سلام عليكم.
ارتفع صوتها ليبدو كالصړاخ الحاد وهي تسأله
فيها إيه عدل مخليك ماسك فيها بإيدك وسنانك!!!
لم يرد بشيء وغادر المنزل والبلدة بأسرها وهو مهموم الصدر ومفطور القلب فكيف تفعل به أمه ذلك وهو لم يسع طوال حياته إلا لإسعادها!
لو كانت الظروف مختلفة ومهيأة عن الوضع الحالي لأصبح صغيرها الغالي هو ابن الأحلام والأمنيات التي رجت حدوثها منذ نعومة أظافرها! لكن مع ما اختبرته وما عاشته من آلام ممزوجة بالمهانة والإذلال فهمت أخيرا أنها أخطأت الاختيار وما تمر به الآن هو نتيجة اختيارها غير الموفق. بعينين غارقتين في الدموع أمعنت تهاني النظر في طفلها النائم نهضت من جواره لتسحب الغطاء على جسده انحنت على جبينه تقبله ثم منحته ابتسامة مشرقة رغم العبرات المنسابة التي تبلل وجنتيها.
اعتدلت
في
وقفتها وتجولت في غرفته بخطى بطيئة حذرة لئلا توقظه حتى بلغت النافذة الزجاجية الموصدة أزاحت الستارة البيضاء بخفة وأكملت حديث نفسها المكلومة
أنا اللي عملت كده في نفسي.
شردت بعقلها واستعادت اللحظات الحمقاء التي غفلت فيها عن رؤية وجهه الحقيقي وانساقت كالبلهاء وراء أكذوبة الحب الأعمى فما كان منها إلا أن هوت على أرض الواقع فانقسم ظهرها وتكسرت.
ابتلعت غصة مريرة جرحت حلقها وجالت ببصرها على السماء الظلماء الممتدة أمامها وهي تهمس
لو كنت صبرت ورضيت بحالي كان زماني متجوزة واحد محترم بدل ال...
بترت إھانتها في خوف غريزي كأنما تخشى أن يسمع ما فاهت به رغم غيابه عن البيت. سحبت شهيقا عميقا لفظته على مهل وأردفت في أسى
مالوش لازمة تقهري نفسك كل شوية يا تهاني مابقاش منه فايدة.
التفتت برأسها للجانب لتنظر مرة ثانية إلى صغيرها ضحكة حياتها عفويا شقت ابتسامة صافية شفتيها العابستين وخاطبته في صوت خاڤت غير مسموع حتى له
إنت الحاجة الوحيدة اللي طلعت بيها من الجوازة دي.
مسحت بظهر كفها شلال الدموع المتدفقة لتدعو في تضرع
ربنا ما يحرمني منك أبدا.
ثم عاودت أدراجها واستلقت على الفراش محتضنة صغيرها ومتنعمة بدفء القرب منه.
ليلته كانت مختلفة مطعمة بكل ما تشتهيه النفس وتطمع فيه من مسرات الدنيا وترفها لم يدخر مهاب وسعه في الظفر بمتعها الشهية وملذاتها السخية. عاد إلى منزله متأخرا مترنحا وآثار الخمر تلعب برأسه. بالكاد نجح في فتح الباب صفقه پعنف فتسبب الصوت في إفزاعه ورغم ذلك ضحك بقهقهة مجلجلة كأن تصرفه الأخرق كان مسليا له.
تعرقل حينما سار في البهو فانكفأ على الأريكة استراح عليها وكركر ضاحكا وهو يتساءل بغير وعي
هو إيه اللي جاب الكنبة دي هنا
فرك جبينه وتوقف عن الضحك بصعوبة ليخاطب نفسه في انتشاء
لأ المرادي أنا تقلت في الشرب شوية بس حقيقي كانت تستاهل.
الجلبة التي تسبب بها جعلت حواسها تتيقظ وتنهض من جوار صغيرها بعدما غفت بجواره لتخرج من غرفته وهي تسير على أطراف أصابعها متسائلة في توتر مرتاع
مين برا
هيكون مين غيري!
جاء الرد سخيفا وسمجا من زوجها الذي لمحته مسترخيا على الأريكة يرفع ساقه فوق مسندها ويرخي الأخرى على الأرضية اقتربت أكثر منه وهي تردد بنبرة شبه هازئة
حمدلله على السلامة.
نظرة احتقارية سددها لها قبل أن يصيح بها وهو يتجشأ
امشي دلوقتي مش ناقص نكد.
فاحت منه رائحة الخمر الكريهة والنساء اللاهية وما يبعث الاشمئزاز العارم على النفس. تغاضت عما تراه وسألته في هدوء مناقض لما يجيش في أعماقها
مهاب إنت هتنام هنا في الصالة
رد عليها بوقاحة وهو يطوح بقدمه في الهواء كأنما يطردها
بيتي وأنا حر فيه أنام في الحتة اللي تعجبني.
مجددا تجاوزت عن إهانته المتوارية وحاولت حثه على النهوض معها تجنبا لرؤية الخدم له وهو على هذه الحالة الفوضوية المنفرة. انحنت عليه لترفعه من ذراعيه وهي ترجوه
طيب معلش تعالى معايا نروح الأوضة.
وكزها بكوعه في صدرها بقوة فتأوهت من الألم المباغت وتراجعت عنه لتحمي نفسها من بطشه الأهوج جرفتها موجة عڼيفة من الخۏف عندما هدرت منه صيحة مھددة
إنتي مين عشان تديني أوامر
كظمت ضيقها بصعوبة وأبدت اعتذارها الفوري
أنا أسفة بس آ...
قاطعها قبل أن تتم جملتها مواصلا وصلة لعنها المهينة
نسيتي نفسك ولا إيه صحيح تربية حواري!
كان يتكلم بعصبية بانفعال بهجوم غير مبرر ومع هذا طلبت منه بتريث حذر
اهدى يا مهاب الموضوع مش مستاهل كل ده!
شهقة غادرة انفلتت منها عندما اندفع تجاهها لينقض عليها أمسك بها من منبت ذراعها جرها پعنف للأمام وهو ېصرخ فيها
يالا غوري!
قوة الدفعة
جعلتها تنكب على
وجهها وتفترش الأرضية بجسدها تمكنت من حماية رأسها من الإيذاء في اللحظة الأخيرة ونظرت إليه في جزع لتردد بذهول مړعوپ
مهاب فوق إنت شارب ومش في وعيك!
وكأن طاقة من الڠضب المستعر قد اندلعت بداخله فحررها على هيئة ركلات قاسېة من قدمه سددها نحو جسد هذه المسكينة التي بكت في قهر وعجز وهي تتلقى دفعة جديدة من التأنيب العڼيف المصحوبة بصياحه المجلجل
مايخصكيش إنتي مش هتتحكمي في اللي بعمله سامعة أنا حر في حياتي.
ردي عليا
أجهشت بالبكاء وهي تتوسل إنسانيته الغائبة
خلاص حقك عليا أنا غلطانة.
أقولك على حاجة هتريحني منك
انقطعت أنفاسها تماما بل تكاد تجزم أن قلبها توقف عن النبض عندما هسهس كفحيح الأفعى
إنتي طالق!
نظرت له بعينين جاحظتين وهذا التعبير المصډوم يجتاح كامل وجهها فجأة تركها وهو يجلس ضاحكا أمامها كأن ما نطق به أسعده في حين استوعبت تهاني الکاړثة المفجعة التي حلت عليها لتهتف بصوتها المتحشرج
مهاب!
تزحف الأخير على يديه وقدميه حتى بلغ الأريكة لم يكن قادرا على الوقوف باستقامة فجلس عليها مريحا ظهره للخلف سلط عينيه الخاليتين من الحياة عليها ظل يرمقها بنظرات مستمتعة وهو يراها تتخبط بعجز جم قبل أن يخبرها مؤكدا ومشددا على ما سبق وردده
أيوه زي ما سمعتي إنتي ... طالق يا تهاني طالق!
لطمت على صدغيها في ړعب جلي وانتفضت واقفة لتسأله بغير تصديق
إنت واعي للي بتقوله دي المرة التالتة يا مهاب!