عمرو
فإيه بقى اللي حصل وضايقك وخلاك تتعصبي أوي كده!
أخبرته مروة بكل ما رأته في المخزن فاتسعت عيني عمرو بدهشة واستنكار شديد وسأل زوجته بشك
أنت متأكدة يا مروة أنها كانت بترمي سحر على الأرض! يعني مثلا ممكن تكون كانت بترش مية عادية.
نفت مروة استنتاجه مؤكدة حديثها بقولها
لا يا عمرو آية كانت بترش سحر مش مية واللي خلاني أتأكد هو أني شوفتها وهي بتخرج وكانت حريصة جدا أنها متخطيش برجليها فوق المية اللي هي رشيتها.
واضح أن آية تقصدني أنا تحديدا من السحر اللي هي عملته وده لأن محدش غيري بيطلع فوق في المخزن.
سحب عمرو نفسا عميقا يحاول به أن يتمالك نفسه فهو يعرف زوجته حق المعرفة ويدرك تماما أنها لن تتجنى على آية وتتهمها زورا بمثل هذا الأمر الخطېر حتى لو كانت تكرهها ولا تريد رؤيتها.
قالها عمرو بوجوم وهو ينهض ويغادر الشقة فابتسمت مروة بسعادة بعدما أخبرها حدسها أنها سوف ترى قريبا شيء يثير بهجتها.
لم يعد أمام هبة مفر من الحقيقة التي انتبه لها الجميع فهي يجب عليها أن تذهب إلى طبيب نفسي في أسرع وقت ممكن قبل أن تسوء حالتها.
تذكرت كلمات مالك الذي شجعها وأيدها في هذا القرار بعدما صارحته بهذا الأمر
عين العقل يا هبة وأنا شايف أن دي هتكون خطوة كويسة جدا عشان نفسيتك تتحسن.
رمقته بنظرات ممتنة ثم ابتسمت بعدما سمعت كلماته الداعمة لموقفها وقالت
مش عارفة كنت هعمل إيه من غيرك.
تحدث مالك بلهجة جادة مؤكدا دعمه الكامل لها في جميع الأحوال
أهم حاجة هي أنك متخليش أي شخص يحبطك بشوية كلام سلبي يعني لازم تعتبري العلاج النفسي ده زي أي علاج تاني أنت بتاخديه وهتبطليه لما تخفي وتحسي نفسك بقيتي كويسة.
أومأت هبة برأسها دليلا على موافقتها لحديث مالك الذي أثبت لها كم كانت حمقاء وساذجة عندما أحبت شخص وضيع مثل أحمد ورفضت ابن عمه الذي ساندها في المحڼة القاسېة التي مرت بها بعدما تخلى عنها أقاربها وتركوها فريسة جريحة أمام ألسنة الناس الحادة التي لا ترحم.
شعرت مروة بالإحباط الشديد بسبب سلبية زوجها وعدم حرصه على سعادتها وتمنت لو كان بإمكانها أن تنفصل عنه فهي كانت سوف تفعل ذلك لولا ظروفها القاسېة التي تجعلها مجبرة على الحفاظ على زواجها من عمرو كما أنها تحبه ولا تستطيع أن تتركه.
قالها عمرو وهو يرتدي حذائه فنظرت له مروة بوجوم قائلة بتهكم
لا شكرا يا حبيبي ربنا ميحرمنيش منك.
فهم عمرو من لهجتها أنها غاضبة منه للغاية ولكنه يعلم جيدا أن موقفها سوف يتبدل بعدما تشاهد ما سوف يقوم به فهو
لن يمرر لآية هذا الفعل القذر الذي قامت به.
في هذه اللحظة دلفت آية إلى شقة حماتها وأخبرتها أنها ستذهب إلى السوق وسوف تتأخر قليلا فابتسمت فادية مؤكدة أنها ليست معترضة على هذا الأمر.
ابتسمت آية وقبلت رأس فادية قبل أن تغادر تحت نظرات مروة التي كانت تريد أن تجرها من شعرها وتشبعها ضړبا.
غادر عمرو هو الأخر منزل العائلة واستقل سيارة أجرة بدلا من سيارته حتى لا تلاحظ آية أنه يقوم بمراقبتها.
وصلت آية إلى منزل الدجال ودلفت إليه وهي غاضبة للغاية فقد مر أسبوع ولم يحدث أي شيء وهذا الأمر يحيرها للغاية.
استقبلها الدجال وسألها عن سبب حضورها فنظرت له وهي تجيب بضيق
جاية أقولك أن العمل بتاعك مش جايب نتيجة ومفيش أي حاجة حصلت.
شعر الدجال
بالارتباك ولكنه قرر أن يتماسك رغم شعوره بالاستغراب الشديد فهو لا يصدق أن ما قام به لم يجد نفعا مع مروة
كلامك ده معناه أن مروة ملتزمة ومحافظة على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار وده مخلي الجن اللي أنا سلطه عليها مش قادر يمسها بأي سوء.
صاحت آية بنفاذ صبر من هذا الحديث الذي أصابها بإحباط شديد
طيب وبعدين هعمل إيه دلوقتي
رمقها الدجال قائلا بنبرة ماكرة
متقلقيش أنا هعرف إزاي أتصرف معاها ولو الجني اللي أنا سلطه مقدرش عليها هسلط عليها جني تاني أقوى منه اديني بس يومين وكل حاجة هتبقى مظبوطة زي ما أنت عايزة.
انصرفت آية بعدما شعرت بالطمأنينة وتأكدت أنها سوف تنال مرادها هذه المرة ولم تكن تعلم أن عمرو كان يقف بالقرب من منزل الدجال واتصل بالشرطة حتى تأتي وتلقي القبض عليه.
اتصال مفاجئ جاء إلى هبة التي استغربت كثيرا عندما أجابت وسمعت صوت يحيى وهو أحد أصدقاء أحمد المقربين.
همست هبة بتأفف فهي لا تريد أن تتحدث مع أي شخص لديه صلة مع أحمد حتى لا يتكرر ما حدث معها قبل أسبوع في المطعم عندما ذهبت لتلتقي بأماني
خير يا يحيى عايز مني إيه وليه بتتصل بيا
جاءها الجواب الذي أثار دهشتها وجعلها غير مصدقة لما تسمعه
وضعت هبة الحجاب على رأسها قائلة باقتضاب قبل أن تفتح باب الشقة
حاضر دقيقة وهكون عندك.
هبطت هبة الدرج بسرعة ووقفت أمام يحيى الذي مد لها يده بالفلاشة وردد بأسف
انصرف يحيى تاركا خلفه هبة التي چثت أرضا تبكي بحسرة على قلبها الذي ټحطم بقسۏة مرددة بحشرجة
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أحمد ده أنا محبيتش أي شخص في حياتي زي ما حبيتك.
قلبها يكتوي بنيران مستعرة وروحها تتعذب وتصرخ فكيف يمكن أن يكون مالك الذي ظنته في الماضي شخصا سيئا حينما حاول
أن يحذرها مما هي مقبلة عليه شخص جيد وأحمد الذي ظنته منقذا
عاد عمرو إلى المنزل بعدما تأكد من أن الشرطة قد ألقت القبض على الدجال وأنه سوف ينال العقاپ الذي يستحقه وحان الآن دور آية حتى تنال جزاءها.
أخذ عمرو ينادي على آية بصوت جهوري جعل فادية تشعر بالړعب خاصة بعدما رأت وجهه الغاضب وعلمت أن هناك شيئا سيئا على وشك أن يحدث أمام عينيها.
سمعت مروة صوت زوجها وهو
قائلا باشمئزاز
الهانم اللي أنت خليتيني أتجوزها عشان أهتم بيها وبابنها راحت لدجال عشان تعمل سحر أسود لمراتي.
تملكت الصدمة من آية واتسعت عينيها بعدما سمعت كلمات عمرو وأسرعت تنفي هذا الاتهام عن نفسها بقولها
الكلام ده كله كدب أنا معملتش أي حاجة لحد.
شهقت فادية وضړبت صدرها واتخذت صف آية مرددة باستنكار
إيه الكلام الفارغ ده يا عمرو! آية مستحيل تعمل كده.
وكمان ليك عين تكدبي يا بجحة!! أنا شايفك بنفسي وأنت رايحة للدجال عشان يعملك عمل تاني بعد ما العمل الأولاني فشل وأحب أطمنك أن الشرطة قبضت
انعقد لسان آية من هول المفاجأة فهي لم تتوقع أبدا أن يعلم عمرو بهذا الأمر الذي لم تخبر به أي أحد.
هطلت دموع آية أمام عيني فادية التي لم تصدق هذا الأمر وشعرت أن مروة لها دخل في كل ما جرى وأنها فعلت هذا الأمر حتى يقع الطلاق بين عمرو وآية.
همست آية بضعف مزيف وهي تنظر إلى فادية ترجوها بعينيها أن تغيثها من هذه المصېبة التي حلت على رأسها
يا ماما أنا روحت للشيخ عشان يديني رقية شرعية أحطها في الأكل بتاعي لأني بقالي فترة تعبانة وحاسة أني مش مظبوطة.
أشارت فادية بسبابتها نحو مروة هامسة بغيظ فقد انطلت عليها خدعة آية وصدقتها بسهولة
أكيد مروة هي اللي عاملة الحركة دي عشان تخليك تسيب آية وتبعد عنها مش كفاية عليها أن أنت هتاخدها معاك الغردقة وكمان عايزاك تطلق آية!!
احتقنت ملامح عمرو وشعر بالنفور من آية التي كان يعتبرها في الماضي بمنزلة شقيقته فهو لم يكن يتوقع أن تكون بمثل هذه الحقارة.
أطلق عمرو تنهيدة بصوت مسموع قبل أن ينطق بالجملة التي جعلت مروة تبتسم بسعادة لأنها نالت أخيرا ما تريده دون أن تبذل أي مجهود أو تتخلى عن مبادئها في سبيل تحقيق مرادها
جوازي منك كان أكبر غلطة عملتها في حياتي وأنا هصلحها دلوقتي أنت طالق يا آية.
أمسك عمرو بكف مروة وصعد بها إلى شقتهما تاركا فادية تصرخ باستهجان لما قام به أما بالنسبة لآية فقد كانت تشعر پصدمة شديدة فهي لم تتوقع أن ينقلب كل شيء ويصبح ضدها في لحظة خاطفة.
نهاية الفصل
الفصل السابع
أخذت آية تبكي بحړقة لأنه قد فشل كل شيء قامت بالتخطيط له وذلك لأنها استهانت بمروة واعتقدت أنها خصم ضعيف يمكن التغلب عليه بسهولة.
ظنت فادية أن آية تبكي بسبب الظلم الذي تعرضت له على يد عمرو ولم تكن تعلم أن سبب بكاء أرملة ابنها التي تظنها فتاة مسكينة هو الحزن على فشل المخططات التي كانت على وشك الظفر بتحقيقها.
احتضنت فادية آية مربتة على ظهرها بحنان أمومي وأخذت تواسيها بقولها
اهدي يا حبيبتي ومتزعليش نفسك خالص عمرو دلوقتي متعصب بسبب الكلام اللي الحية مراته قالته ليه ولما يهدى أنا هتكلم معاه بنفسي وهخليه يردك على طول وهشوف صرفة مع مروة اللي شغالة زي الشيطانة توقع بينك وبين عمرو.
اكتفت آية بهز رأسها وتوقفت عن البكاء فقد أشعرها حديث فادية ببعض الطمأنينة لأنها تعلم جيدا أن عمرو يستمع إلى كلام والدته ولا يمكن أن يقوم بعصيانها.
أمسكت آية بكف حماتها وتحدثت باستعطاف حاولت من خلاله أن تصم أذني فادية عن الكلام الذي سوف تسمعه ضدها
أنا لما روحت للشيخ مكانش غرضي أذية أي شخص زي ما مروة فهمت عمرو وأنت يا ماما أكيد عارفة أني مستحيل أعمل حاجة فظيعة زي دي.
أومأت فادية برأسها دلالة على تصديقها لهذا الحديث وسارعت تؤكد ذلك بقولها
أنا عارفة يا آية أنك مستحيل تعملي كده وأن مروة هي اللي لعبت في دماغ عمرو عشان يطلقك بس أنا مش هسيبه وهفضل وراه لحد ما يردك لعصمته.
وهذا ما كانت تريده آية وهو أن تدعمها فادية الساذجة لأن هذا الدعم سيجعلها تحقق
كل ما تتمناه.
نظرت هبة إلى الصور التي تجمعها بأحمد في حفل خطبتهما وهي تبكي فقد كان
في هذا اليوم يعدها أنه سيقف بجوارها وسوف يحرص على إسعادها ولكنه خذلها.
وضعت هبة الحاسوب جانبا ثم أمسكت مفكرتها ودونت بها عبارة تدل على مدى القهر الذي تشعر به
قلبي ېنزف وروحي تتألم لأنني كنت مغفلة عندما