عمرو
انت في الصفحة 1 من 30 صفحات
الفصل الأول
اسمع يا عمرو عدة مرات أخوك ياسين الله يرحمه خلصت وأنت لازم تتجوزها.
أطلقت الحاجة فادية التي لا تحب الاعتراض أو الجدال هذه العبارة الحازمة وهي تجلس أمام ابنها عمرو الذي استنكر حديثها وصاح باعتراض
إيه الكلام ده يا ماما! أنا بعتبر آية زي أختي ومستحيل أتجوزها وبعدين اوعي تنسي أني لسة متجوز من ست شهور وبحب مراتي ومستحيل أتجوز عليها.
اشټعل لهيب الڠضب في صدر فادية بسبب عصيان ابنها لأوامرها من أجل إرضاء زوجته التي استحوذت على قلبه وصار يبذل كل ما في وسعه حتى ينال رضاها.
الأصول بتقول أنك لازم تتجوز أرملة أخوك عشان تربي ابنه الصغير لأن آية لسة شابة صغيرة وكمان حلوة وهي مستحيل هتعيش باقي حياتها من غير جواز وأكيد أنت مش هيرضيك أن واحد غريب يربي ابن ياسين أخوك وأنت موجود.
زفر عمرو بضيق وصاح بحدة أظهرت نفاذ صبره
ماما لو سمحت متضغطيش عليا لأني مش هتجوز آية حتى لو انطبقت السماء على الأرض وبعدين أنا لسة لحد دلوقتي الناس بتقول عليا عريس جديد عايزاهم يقولوا إيه لما يلاقوني اتجوزت على مراتي بعد كام شهر من جوازنا!
فكر أنت كده الأول الناس هتقول علينا إيه لما نسيب ابننا لراجل غريب يربيه ويكون في علمك لو كلامي متنفذش يا عمرو يبقى قلبي وربي غضبانين عليك لحد يوم الدين.
نظر لها عمرو بعتاب وأسف ثم صعد إلى شقته وهو لا يعرف كيف يتصرف ولا يعلم كيف ستكون ردة فعل زوجته بعدما يخبرها بقرار والدته أو كما يجب أن يسمى الفرمان الذي أصدرته فادية ويجب تنفيذه في أسرع وقت.
وسط كل هذه الأصوات المتداخلة بعضها ببعض تجلس سيدة أربعينية تدعى ثريا وهي قمحية البشرة حادة الملامح ترتدي جلباب أسود وإيشارب من نفس اللون وتذم شفتيها بتأفف وهي تنظر إلى الناس الذين يمرون أمام منزلها.
شوف البنت وبجاحتها ماشية في الشارع رايحة جاية ولا كأنها عاملة حاجة دي لو واحدة غيرها كانت دفنت نفسها بالحيا بعد العملة السودة اللي عملتها واللي اتسببت في مۏت أمها بس نقول إيه بقى اللي اختشوا ماتوا وبنات اليومين دول بقوا بجحين ومش بيهمهم أي حاجة نهائي.
استمعت هبة إلى تلك الكلمات الحادة وانحدرت دموع القهر من عينيها فهي لا تزال حتى الآن غير قادرة على استيعاب ما حدث معها طوال الشهر الماضي.
لقد تدمرت حياتها وصارت سيرتها تحاك على كل لسان
أحمد إحنا مش هينفع نكمل سوا والأحسن أننا نسيب بعض وكل واحد فينا يروح لحاله ويكمل حياته بعيد عن التاني لأن إحنا طباعنا مختلفة ومش هنقدر نعيش مع بعض.
نطقت حلوة! هو في حد قالك أن أنا لعبة في إيدك وقت ما تكوني عايزاها تمسكيها ووقت ما تزهقي منها ترميها! فوقي لنفسك كده واعقلي أحسن ما أخليك ټندمي على الساعة اللي فكرت فيها أنك تسيبيني وتبعدي عني.
صاحت في وجهه پغضب شديد بسبب أسلوبه النرجسي وإصراره على بقائها معه بعد كل ما فعله فقد اكتشفت أنه عاد مرة أخرى وهي قد أخبرته من قبل أنه إذا فعل ذلك فسوف تبتعد عنه على الفور
فوق بقى واسمع أنا بقولك إيه أنا مش عايزاك ومش طايقاك ومش عايزة أشوف وشك مرة
تانية ماما كان عندها حق من الأول لما قالت أني هندم عشان قبلت بيك أنت بني آدم مقرف ومكانش لازم أتخطب ليك من الأول.
أمسك أحمد معصمها بقسۏة جعلتها تتألم واستطرد في وعيده بلهجة حادة
أنت ملكي يا هبة وهتفضلي كده لحد ما ټموتي ولو فكرت تبعدي عني هدمرك ومش هخليك تقدري تمشي في الشارع مرة تانية ولا ترفعي رأسك قدام الناس.
نظرت له هبة بتحدي وهي تهتف بنبرة قاسېة تعمدت من خلالها أن ټحرق قلبه مثلما أحرق قلبها عندما شاهدته في مقطع فيديو وهو تحت تأثير
الكلام ده مش هيحصل غير في أحلامك يا أحمد أنا خلاص وافقت على العريس اللي اتقدملي وخطوبتي هتكون يوم الخميس الجاي وهتجوز بعد أربع شهور يعني خلاص كل حاجة خلصت وده بعد ما شوفتك رجعت مرة تانية.
كادت هبة تغادر ولكن أمسك أحمد بيديها يمنعها من المغادرة وهو يهمس برجاء
والله العظيم يا هبة أنا بعدت عن من ساعة ما اتعالجت وخرجت وعندي استعداد أحلفلك بحياة أغلى شخص عندي أن أنا ما أخدتش أي حاجة من المواد دي حتى السچائر ما قربتش منها.
دفعته هبة وصړخت پقهر بسبب إصراره على الكذب فهي قد سأمت منه ومن وعوده الكاذبة
يا أخي حرام عليك بقى هو أنت معجون بمية كدب أنا شايفاك في الفيديو وأنت عمال تكسر كل حاجة حواليك وكل تصرفاتك هي نفسها اللي أنت كنت بتعملها زمان لما كنت تحت تأثير ده غير أن أنا شوفت معاك في الفيديو حاجات من اللي أنت كنت بتاخذها قبل كده يعني متحاولش تكدب لأن خلاص أنا فهمت كل حاجة ومعنديش استعداد أقضي حياتي مع بني آدم مدمن زيك لأنك مستحيل تكون زوج مناسب ليا وأب كويس للأطفال اللي ربنا هيرزقني بيهم إن شاء الله في المستقبل.
صاح أحمد بتهكم بعدما ابتسم باستهزاء
ومين بقى سعيد الحظ اللي شايفة أنه هيكون زوج بجانبه فهي الفتاة الوحيدة التي دق قلبه لأجلها ولن يدعها تصبح لغيره حتى لو اضطر لقټلها ولكنها لم تكترث لقسمه.
غادرت هبة وهي تبكي فهي لا تفكر في الزواج مثلما أخبرته ولم تقبل بالعريس الذي تقدم لها ولكنها كذبت عليه حتى يتألم مثلما تتألم هي الآن.
أخذت هبة ټضرب موضع قلبها بعدما وصلت إلى منزلها ودلفت إلى غرفتها وأغلقت
الباب خلفها دون أن ترد على نداء والدتها.
أنت الحبيب الذي وثقت به ومنحته قلبي ولكنك خذلتني ولم أنل منك سوى الألم والمعاناة فبئسا لهذا القلب الذي لا يزال يحبك پجنون بعد كل ما جرى.
ظلت تلك المقولة تتردد في عقلها وهي تشاهد النيران المشټعلة في الصور وهي تهدأ بشكل تدريجي ثم تمتمت بأسى وهي تنظر إلى الصورة الكبيرة المعلقة على الحائط والتي تجمعها بوالدتها
أنا السبب في كل اللي حصل يا ماما لأني رفضت أسمع كلامك وحبيت أحمد ودي كانت النتيجة.
عندما نقع في الحب ربما تكون العين مبصرة ولكن يكون القلب مغفل ولا يستيقظ من تلك الغشاوة إلا بعدما نخسر كل من نحبهم
أنت الحبيب الذي أقسم أن يمنحني من الحب أنهارا ومن كلمات العشق أشعارا ولكنك لم تمنحني سوى ألاما تذيق روحي ويلات من العڈاب والندم على حبك
تذكرت هبة تلك المقولات التي كانت تسمعها كثيرا في الماضي وتقرأها بين أسطر الروايات الرومانسية التي تحرص على اقتنائها وانخرطت في نوبة بكاء كثيرة لأن هذا الكلام صار ينطبق عليها في الوقت الحالي.
في تلك اللحظة أخذت مقولة أحمد في يوم الرابع عشر من فبراير المعروف عند كثير من الناس بعيد الحب ترن في رأس هبة
أحبك يا أميرتي وسوف أفعل المستحيل من أجلك يا
من عشقتها وصارت قطعة من قلبي أحيا لأجلها وأموت لفراقها.
ابتسمت هبة بشدة بعدما سمعت كلماته التي أطربت قلبها وقالت
أنا أول مرة أعرف يا
أحمد أنك بتحب تقرأ روايات وكمان بالفصحى!!
ظهرت ابتسامة واسعة على وجه أحمد وهو يردف
أنا عندي استعداد أعمل أي حاجة عشان أسعدك.
اندثرت تلك الذكرى سريعا من عقل هبة التي أخذت تصرخ وتنتحب بمرارة
كداب يا أحمد كل حاجة كانت كدب أنت ډمرت حياتي وأمي راحت مني وخسرتها بسببك.
نزعت هبة الشرشف الخاص بسريرها وأخذت تبرمه جيدا ثم وقفت على كرسي وعلقت الشرشف في مروحة السقف.
مالك!!
نطقت هبة اسمه بخفوت ودهشة من وجوده قبل أن تغيب عن الوعي وتتلقاها أيدي الظلام الدامس تحت نظرات مالك الذي شعر بالأسف عليها
الفصل الثاني
انتظر مالك خروج الطبيب من غرفة الفحص على أحر من الجمر فهو يشعر بالقلق الشديد على هبة التي كادت تنهي حياتها لولا تدخله في اللحظة الأخيرة.
أخذ مالك يفكر ما الذي كان سيحدث لهبة إذا تأخر دقيقة واحدة في الوصول إلى شقتها
لقد تفاجأ عندما كان يمر من أمام منزلها بذلك الدخان الكثيف الذي كان يتصاعد من نافذة غرفتها وشعر بالقلق وعلم أن هناك شيء مريب يحدث في الأعلى.
صعد مالك بسرعة شديدة إلى منزل هبة وظل يطرق الباب ولكن لم يتلق أي جواب وهذا الأمر جعله يقوم بكسر الباب دون أدنى تفكير وكما توقع فقد أرادت هبة أن تشنق نفسها بعدما أحرقت الصور التي تجمعها بأحمد.
خرج الطبيب فتوجه نحوه مالك متسائلا بقلق ظهر بشكل واضح على ملامحه وفي نبرته أثناء الحديث
طمني يا دكتور هي عاملة إيه دلوقتي
تنهد الطبيب وأجاب بجدية يتخللها الكثير من الأسف على حال تلك الشابة المسكينة التي تعرضت لمحڼة قاسېة جعلتها ترغب في إنهاء حياتها ولا تفكر في العقاپ الذي ستتلقاه من المولى عز وجل بسبب هذا التصرف
الأنسة كويسة دلوقتي بس أظن أنها هتكون محتاجة لعلاج نفسي وفي أسرع وقت لأن واضح أنها بتعاني من صدمة شديدة وممكن تحاول
ټنتحر مرة تانية.
دلف مالك إلى الغرفة ونظر بلوم إلى هبة التي كانت تبكي وقال
ليه عملت كده في نفسك يا هبة! معقولة شايفة أن أحمد يستاهل أنك ټموتي نفسك بسببه!
ظهر الحزن في نظرات هبة والمرارة في حديثها وهي تردف
جلس مالك أمامها وهتف بمواساة فهو يعلم جيدا حجم الحب الذي كانت تكنه في قلبها لأحمد ورأى بعينيه الجزاء الذي حصلت عليه بسبب هذا العشق
أنا عارف أن اللي مريت بيه يا هبة مكانش سهل
اتنشرت فيه وهو دلوقتي في غيبوبة والبوليس مستنيه يفوق علشان يقبض عليه
وضعت هبة التي سمعتها بها وجعلتها تعارض والدتها التي تحدثت معها مرارا وتكرارا وألحت عليها أن تبتعد عن