الخميس 28 نوفمبر 2024

روايه امراه العقاپ

انت في الصفحة 23 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز


اسرع وقت ثم دخل مجددا لهم واقترب من ابنته لينحنى إلى مستواها ويقول بهمس لم يصل إلى أذن جلنار رغم محاولتها في سماع ما يقوله لها 
مين اللي جاب الموز ياهنايا 
ردت الصغيرة على أبيها ببراءة 
عمو حامد
كان وجهه متشنجا بشكل مخيف من فرط سخطه انتصب في وقفته والقى نظرة ثاقبة على جلنار قبل أن يندفع لخارج الغرفة والمنزل بأكمله 

وقف على عتبة المنزل الداخلية وصاح بصوت جهوري 
حامد ! 
وصلت صيحته إلى حامد حارس البوابة الرئيسية للمنزل فهب واقفا من مقعده وهرول راكضا إليه حتى وقف بمقابلته وقال 
نعم يا عدنان بيه 
عدنان بعصبية وصوت مخيف 
أنا مش منبه عليك إن ممنوع الموز يدخل البيت ضمن أي طلبات تجيبها للمدام 
اجفل الآخر نظره أرضا بأسف وقال باعتذار 
أنا آسف يابيه بس المدام هي اللي طلبت والله عشان بنت حضرتك وأنا موافقتش في البداية عشان وضع الهانم وتعليمات سياتك وقالتلي إنها مش هتاكل منه وأنا مقدرتش ارفض طلبها الصراحة 
عدنان بصيحة رجولية عڼيفة 
انا ميخصنيش كل الزفت ده كلامي كان واضح لما نبهت وقولت ممنوع يدخل البيت واللي حصل منك ده تجاهل لتعليماتي أنا سايبك هنا وسايب مراتي وبنتي
أمانة معاك في غيابي وإنت تتصرف بالإهمال ده
حامد بحرج وضيق شديد من نفسه معتذرا بصدق حقيقي 
حقك عليا ياعدنان بيه حضرتك عارف معزة الست هانم عندي إزاي ولا يمكن ارضى لها بالاذى أبدا والله أنا بس محبتش اكسر بطلبها بس اوعدك إن اللي حصل ده لا يمكن يتكرر تاني
رد عليه عدنان بزمجرة 
وأنا مستنيك توعدني اعتبر
دي أول غلطة ليك والغلطة التانية هتكون بحساب عسير
هو حامد رأسه بالموافقة بينما عدنان فاستدار وعاد للداخل حيث زوجته وابنته متوعدا لجلنار بعد أن تتحسن حالتها بسبب إهمالها في صحتها 
تمسك بهاتفها وتعبث به فقط دون أن تفعل أي شيء مفيد ملازمة غرفتها وفراشها منذ أيام ولا تخرج منها إلا قليلا وبدأت والدتها تستاء من وضعها وحاولت أكثر من مرة فهم حالتها المزاجية والتحدث معها لكن الرد لا يتغير بكل مرة أريد فقط البقاء بمفردي لبعض الوقت ماسبب عزلتها المفاجئة أو حتى مزاجيتها الغريبة لا تعرف لكنها تشعر أن ابنتها ليست بخير 
أما هي ففضلت الابتعاد لأيام عن الجميع وبالأخص عنه تريد جمع شتات نفسها المبعثرة واستعادة روحها المهدرة بڼار الهوى لسنوات هوى لم يجلب لصاحبه سوى الألم والشجن 
ستعاني وربما ستتعذب في محاولاتها التي ستجدها بائسة في بداية رحلتها
لكن يكفي إهدارها لمشاعرها وروحها ولن يكون هناك أيضا إهدار لكرامتها 
بينما هي تعبث في الهاتف على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي ظهرت صورته أمامها صورة التقطها بالمعرض بعدما انتهت جميع التجهيزات والافتتاح سيكون بعد غد كما تعرف 
توقفت للحظة تحدق بصورته تتفرس ملامحه الوسيمة ابتسامته الجذابة التي تزين ثغره لم تشعر بنفسها سوى وهي تتأمل في صورته هكذا حتى وجدت أصبعها يضغط على ملفه الشخصي وتقلب في ملفه تشاهد صوره الأخيرة 
طرقة واحدة على الباب ثم انفتح ودخلت والدتها
فأدركت ما تفعله بهذه اللحظة وأسرعت في إغلاق صوره وملفه الشخصي وتصنعت تصفحها لآخر الأخبار التي تظهر تلقائيا في صفحة الفيس بوك 
اقتربت ميرفت منها وجلست بجوارها على الفراش وهتفت بنفاذ صبر 
وبعدين يازينة هتفضلي حابسة نفسك في الأوضة كدا كتير 
زينة ببساطة 
لا ياماما ثم أولا أنا مش حابسة نفسي أنا بس حابة
اخد فترة استجمام مع نفسي بعيد عن الناس 
ميرفت بعصبية 
وأنا من الناس دي بقى ولا إيه !! 
ضحكت زينة بخفة وانحنت على أمها تحتضن وجهها بين كفيها وتلثم وجنتها بحب متمتمة 
لا طبعا وهو أنا اقدر أصلا ما أنا قاعدة معاكي أهو ياماما 
قاعدة معايا فين ده أنا مش بشوفك في البيت غير كام مرة في اليوم طول الوقت حابسة نفسك في الأوضة 
خلاص أنا آسفة وعد إني مش هقعد وحدي في الأوضة تاني حلو كدا 
تنهدت ميرفت بارتياح بسيط ثم قالت برضا 
أهاا حلو هتحضري افتتاح معرض آدم بكرا ولا كمان
حابة تستجمي ! 
عاد العبوس يظهر على محياها وقالت بصرامة 
لا مش هحضر مش قادرة ومليش نفس الصراحة ابقى اعتذريله نيابة عني هو وخالتو 
رفعت والدتها حاجبها بحيرة وقالت بنظرة دقيقة 
اعتذرله نيابة عنك ! ياسلام وده من إمتى بقى ده إنتي كنتي معاه في كل التجهيزات وكنتي متحمسة أوي ليوم الافتتاح 
مش عارفة ياماما مليش مزاج احضر اعملي زي ما بقولك بس عشان خاطري 
اطالت ميرفت النظر في ابنتها للحظات بشك وبلؤم ثم اعتدلت في جلستها وقالت بحدة مصطنعة 
اممممم طيب قوليلي بقى إيه اللي حصل 
قهقهت وقالت ضاحكة 
ياماما يا لئيمة مفيش حاجة صدقيني أنا زي ما قولتلك عندي حالة مزاجية اليومين دول ومش عايزة اروح أي مكان
أصدرت ميرفت زفيرا حارا بعدم حيلة وقالت في نظرات حانية ومهتمة 
طيب ياحبيبتي خلاص مش هضغط عليكي بس متأكدة إن مفيش حاجة 
هزت راسها بالنفي وهي تبتسم بصفاء ثم انحنت معانقة والدتها في ثبات مزيف تتصنعه بصعوبة أمامها ابتعدت بعد لحظات عنها فتوقفت ميرفت وقالت بضيق على حالة ابنتها فكل ما قالته لم تصدقه واحساسها يخبرها بأن هناك شيء آخر تخفيه عنها 
طيب يلا تعالي ورايا عشان نتعشى مع بعض 
حاضر 
استدارت ميرفت وسارت باتجاه باب الغرفة وانصرفت فتنهدت زينة الصعداء بأسى ومسحت على وجهها بحنق ثم نزلت من الفراش واتجهت خلف أمها 
يجلس على مقعد أمام فراشها ويحدقها بعيناه الثاقبة بينما هي فتجلس على الفراش وتستند على ظهره وتتعمد مفادة نظراته المشټعلة 
رحل الطبيب منذ دقائق قليلة وقد املى عليها تعليمات صارمة وجادة حول عدم أكلها لفاكهة الموز مرة أخرى وأوضح لها أن كل مرة ستكون الأعراض اقوى وأشد امتثلت لتعليماته وسط محاولاتها لتفادي نظرات زوجها القاټلة 
أخيرا خرج صوته قاټلا الصمت المهيمن على الوضع بينهم بعدما تركتهم هنا وذهبت لفراشها حتى تنام 
أنا
ماسك نفسي منك بالعافية ياجلنار 
هتفت بانفعال غير مقصود بسبب الأجواء المشحونة بالتوتر من نظراته 
خلاص ياعدنان قولتلك آخر مرة ومش هاكله تاني متفضلش تبصلي بنظراتك دي 
اتسعت عيناه ببعض الدهشة من أنفعالها الغير مناسب لوضعها أبدا
تستخدم أسلوب الھجوم وهي في وضع الدفاع فتمتم بهدوء مزيف لا يزال يتحلى به أمامها 
صوتك ميعلاش عليا وخصوصا لما تكوني غلطانة 
جلنار بعناد 
أنا مغلطتش طلبت من عم حامد يجيبه عشان هنا وقولت إني لو اكلت واحدة مش هتعمل حاجة متوقعتش إن واحدة بس هتعمل كل ده أكيد بعدين إنت مهتم ليه مش فاهمة على العموم أي كان السبب شكرا على اهتمامك أنا بقيت كويسة دلوقتي ياريت تمشي بقى وتروح عند مامتك ومراتك
هذه المرة هدوءه لم يكن مزيفا حيث لاحت شبه ابتسامة على ثغره وهو يطالعها بنظرة متفحصة آخر كلماتها أظهرت له مدى سذاجتها رغبت في أن تظهر له نفورها من وجوده لكنها فعلت العكس ولم يفهم من نبرة صوتها الرقيقة سوى الغيظ 
جلنار بسخط من تجاهله كلامها وابتسامته 
بقولك امشي يا عدنان
قرر أن يلعب بالأوراق الرابحة مثلها حتى يتحقق التعادل في مبارة تكاد تخرج منها هي رابحة بكل مرة فقال بهدوء أعصاب مستفز وبعدم اكتراث جسده بمهارة لاعب محترف 
ده بيتي يعني اجي وقت ما أنا
عايز وامشي وقت ما عايز ثم متقلقيش وجودي مش هيأثر بحاجة عشان ممكن يكون عقلك خيل ليكي إني ممكن اقرب منك يعني أنا لو قربت منك فهيكون لسبب واحد وهو اللي اتجوزنا عشانه
التهبت عيناها بنيران الڠضب وتحول وجهها إلى جمرة جعلت منه أحمرا كالدم من الغيظ ولوهلة أحست بأنها تود التقاط كأس الماء الذي بجوارها وتلقيه عليه فتتخلص منه نهائيا جملته الأخيرة لم تكن تثير الڠضب بقدر ما استهدفت الإعماق فأوجعت بشدة 
وثبت من فراشها واقفة وثائرة ثم هتفت بقوة وثبات حاولت إظهارهم بصعوبة بعد جملته المؤلمة وبعينان كلها نقم واشمئزاز 
قصدك اليوم الأسود اللي اتجوزنا فيه أنا
عمري ما ندمت على حاجة في حياتي قد ما ندمت على إني استسلمت ووافقت اتجوزك تعرف أنا ندمانة إن سمحتلك تلمسني أصلا وبندم إن عندي طفلة منك كان نفسي أول بنت ليا تكون من راجل بحبه وبيحبني ويستحق إن مامتها تضحي بكل حاجة عشانه وعشانهم بس إنت متستهلش التراب حتى ودلوقتي متخيل إني ممكن اكرر الغلط مرتين واسمحلك تاني تقرب مني ويكون عندي طفل تاني منك يبقى بتحلم أحب اقولك إن إنت هتفضل النقطة السودا اللي في حياتي حتى بعد طلاقنا
تحولت الأجواء من الهدوء الممېت إلى الثوران حيث هب واقفا من مقعده وهتف بزمجرة صوته الرجولي وغيرة واضحة بعيناه 
وهو مين ده بقى الراجل اللي بتحبيه وبيحبك !
ابتسمت بسخرية ونظرة ڼارية كلها غل ثم قالت بتعمد في شراسة حتى تجعله يزداد اشتعالا 
حاتم مثلا !
تشنجت عضلات وجهه وتحول كوحش مفترس يستعد للهجوم على فريسته يعرف أن نطقت ذلك الاسم خصيصا لتزيد من غيرته أكثر 
ججذبها من ذراعها يقبض عليه پعنف ويقول بنظرة مرعبة أمام عيناها مباشرة وبصوت يشبه فحيح الأفعى 
عشان يكون في معلوماتك إنتي كنتي ليا وهتفضلي ليا وإن
مكنتيش ليا ياجلنار مش هتكوني لغيري خليكي فاكرة ده كويس أوي
لا تنكر أن تهديده ونظرته اربكتها ظلت تنقل نظرها بين عينيه الثاقبتين لم تخطئ حين وصفته بالعقاپ يشبهه بكل شيء يمتلك نفس العينان الثاقبة والشموخ الذي يسبح في نظراته دوما صلب وقاس ولا يرحم لديه من الشراسة والقوة ما تكفيه ليكون في الصدارة ! 
انزوت نظرها عنه و دفعت يده بعيدا عنها في قوة ثم اتجهت إلى الحمام تاركة إياها يزأر كالأسد 
في صباح اليوم التالي
اتجهت فوزية إلى الباب وفتحت فوجدت أمامها صديقة مهرة وابنة حارتهم البالغة من العمر الرابعة والعشرون مثل حفيدتها فقالت ببشاشة 
أهلا وسهلا ياسهيلة ادخلي يابنتي 
دخلت وقالت بعذوبة 
متشكرة ياخالتي إنتي اخبار صحتك إيه ! 
بخير الحمدلله يابنتي والله جيتي في وقتك لاحسن البنت مهرة مجنناني من امبارح وشكله في حاجة ومش عايزة تقولي بس يمكن تقولك إنتي 
تنهدت سهيلة بضيق بعد تذكرها لما حدث بصباح الأمس فقالت بلطافة 
متقلقيش ياخالتي أنا هعرف مالها وهقولك هي فين 
أشارت فوزيه بيدها في اتجاه الغرفة متمتمة بقلة حيلة 
في الأوضة من وقت ما صحيت من النوم مطلعتش منها
طيب أنا هدخلها اشوفها وإنتي اعمليلنا كدا كوبايتين ليمون 
من إيدك الحلوة دي عشان نهديلها أعصابها بيهم
ضحكت فوزية بخفة وأماءت لها بالموافقة في صفاء بينما سهيلة فاتجهت إلى غرفة صديقتها وفتحت الباب دون استاذآن حتى ! فوجدت مهرة جالسة على الفراش بسكون 
قالت مهرة بقرف 
أنا برضوا قولت هو مفيش غير واحدة بس اللي
تفتح الباب من غير أذن كدا إنتي يابت ابوكي وأمك معلموكيش إني في بيبان بتتخبط
الأول قبل ما تدخلي 
قالت سهيلة مازحة بضحكة جريئة 
لا اصل احنا عيلة متفتحة 
قصدك عيلة منحرفة 
ضحكت الأخرى ثم بلحظة وفي وثبة واحدة وجدتها تجلس أمامها على الفراش
 

22  23  24 

انت في الصفحة 23 من 86 صفحات